#الثائر
أن تنعقد ثلاث قمم في المملكة العربية السعودية لا تُدعى إليها قطر يعني أن الدول العربية عموما والخليجية بشكل خاص ستظل مأزومة إلى أمد طويل، ولن تتمكن القمم الثلاث وغيرها لاحقا من الخروج بأكثر من بيانات ختامية لا قيمة لها، ولا نأتي بجديد، إذ طالما كانت القمم العربية مجلبة لمشكلات، فلا حررت أرضا ولا حققت ازدهارا وأبقت الفجوة كبيرة بين دول فقيرة وأخرى تنعم بثروات هائلة، وإذا كنا نتحدث عن واقع عربي محكوم بتناقضات كبيرة، فمن حق أي مراقب أن يسأل: لماذا فشلت كل القمم؟
تحاول المملكة العربية السعودية حشد دول المنطقة في مواجهة إيران، لتمهد في الوقت عينه لما هو أبعد في موضوع التطبيع مع إسرائيل تحت عنوان "صفقة القرن"، وفي هاتين المسألتين لن تتمكن السعودية من تحقيق أغراضها طالما أنها لا تزال تكابر في حربها مع اليمن، خصوصا وأن سنوات مضت ولم تتمكن عبر تحالف عربي من حسم المعركة في مواجهة الحوثيين ومكونات يمنية أخرى، فضلا عن أن المطلوب أميركيا أن تظل الحرب قائمة توفر فرصا أكبر لإبرام صفقات أسلحة بمليارات الدولارات.
عادة، تكون القمم مناسبة لتقريب وجهات النظر وحل الخلافات الداخلية، واستبعاد قطر عن قمم ثلاث يعني تكريس الانقسام بدلا من تأمين حد أدنى من تفاهمات تضع حدا لانقسامات الكل متضرر منها، ولا نتحدث هنا عن حيثيات الخلافات الخليجية – القطرية، لكن مهما كانت الأسباب فالمنطق يقول أنْ تكون المملكة العربية السعودية بموقعها حاضنا لسائر دول الخليج، فضلا عن أن الحرب على اليمن باتت مجلبة لكوارث أكبر، ما يقتضي البحث عن مخارج ممكنة، من بينها إطلاق مؤتمر عربي برعاية أممية لتأمي حوار هادئ يمينا، يضع حدا لحرب أكدت معطيات الميدان أن الحسم فيها صعب إن لم يكن مستحيلا.
وبالعودة إلى القمم السعودية فالمشكلة أن أحدا ليس في وارد المساهمة في تبديد هواجس الآخر إيرانيا وعربيا، فالا السعودية مستعدة للتنازل ولا إيران أيضا، في وقت تتجه المنطقة نحو مخاطر وتبعات لن تكون في مصلحة أحد، في ظل توتر متصاعد بين إيران ودول المنطقة، لا سيما بعد هجمات الحوثيين في العمق السعودي وقبالة المياه الاقليمية الإماراتية وسط تلميح إلى دور إيران.
حيال كل هذه التطورات لن تفضي أي قمة تتقصد حشد تحالف ضد إيران لغير تأزيم الواقع السياسي والعسكري في منطقة الخليج، ولن يكون العرب مستفيدين لا الآن ولا غدا، طالما أنهم منقسمون، في وقت تفرض فيه التطورات المتسارعة تحصين ساحة العمل العربي، والتوجه إلى إيران بموقف موحد لترسيم حدود الهواجس والخلافات، وإلا سنكون أمام قمم تكرس الانقسام العربي لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل!