#الثائر
أخيرا وبعد طول معاناة وصبر وانتظار، إنطلق قطار مناقشة مشروع الموازنة "المصفح" في جلسة أولى لمجلس الوزراء على أن تليها سلسلة جلسات، أما في أي محطة يتوقف فلا أحد في مقدوره التنبوء، فـ "لوتو" السياسة كثيرة أرقامه وجميعها ينحدر نزولا، والعجز وحده سيد المحطات وفارسها العتيد، وثمة أحجية تشغل عقول السياسيين تتمثل في كيفية خفط الموازنة دون المس برواتب ذوي الدخل المحدود.
الأفكار كثيرة بالتأكيد، وكذلك الاقتراحات والتصورات الأولية وفي الوسط والنهائية، لكن حساب الحقل لا يطابق حساب البيدر، ونقصد هنا البيدر العادي، بيدر الغلال والخير، ولا نغمز من قناة ضهر البيدر (لا قدَّر الله) أو أي "ضهر" آخر كي لا نعكر مزاج أي مسؤول، نتحدث عن حقل الموازنة وبيدرها، عن حقل أغدق خيرات كثيرة سُلبت وبيدر فقير ورحى تدور على فراغ.
لن نتحدث كذلك عن ملف المقالع الكسارات ، فلا بد أن نتركه في عهدة الشغوفين بطبيعة لبنان حتى آخر "عِرق أخضر" ولو كان "طيونا" و"بلانا"، فالجراد الآدمي أكثر فتكا من أسراب جراد "سفر برلك"، سنتحدث عن مال أهدر وما يزال، عن فساد باقٍ وشفافية ضائعة في أروقة الطوائف والمذاهب وإقطاعاتها المنهوبة، وأكثر ما يخيف اللبنانيين ساعة تستخدم السلطة وأهلها مفردة "الحرص"، الحرص على تخفيض العجز في الموازنة، والحرص في لبنان نظير النهب أو أدنى بقليل.
يكابر تحالف السلطة، ويأبى الإقرار والاعتراف أن الدولة في ورطة، وأن كل الخيارات تتوزع بين أسود وأسود، وأحلاهما أَمَــــــرُّ من المر، ومثل هذا التحالف الهجين أنَّــــى له أن يحقق إصلاحات ينتظرها المجتمع الدولي ليفرج عن أموال "سيدر"، وما أدراك ما "سيدر"، في وقت بدا واضحا أن الناس ليسوا في وارد أن يدفعوا ثمن الهدر والفساد.
أما ما هو أهم من الموازنة فيظل متمثلا في استعادة المال المنهوب بالعدل والقسط وبالتساوي بين التحالف الهجين عينه، وما عدا ذلك يعني الغوص أكثر في أزمات أعتى وأكبر، وساعة يحاسب فاسد أهدر مال الناس تنتظم الموازنة دون الحاجة لمنظري الاقتصاد والمال.
ويبقى ثمة سؤال، من أهدر المال العام وأفقرَ الدولة وجفف خزينتها؟ والإجابة واضحة كعين الشمس في سماء صافية، فالمشكلة أن الكل يدعي العفة وينفض يده من دم هذا الصديق، وفي غمرة الحديث عن مكافحة الفساد ، فاحت روائح ملفات فاسدة أساسا، ولا شيء واضح أكثر من أن الدولة في ورطة!