#الثائر
يقول المثل الشعبي "اللي بكبِّر حجرو ما بصيب"، وهذا حالنا في موضوع مكافحة الفساد ، وإلى الآن، يبدو أن الحجر أكبر من قدرة على المسؤولين على حمله فكم بالحري التصويب به على الفاسدين ومن لف لفهم، وأقصى المتوقع "همروجة" وتمضي، ولنتحدث بالوقائع، ماذا تغير منذ إطلاق شعار التصدي للفساد؟ والأنكى أن القضاء تحول "فشة خلق"، وكأن القضاة نازلون في "قفة" من السماء، فهل ثمة قاضٍ يتمتع بحصانة بعيدا من سلطة زعماء الطوائف ومن مسؤولين نافذين في الدولة؟ ولماذا تحميل القضاء تبعات فساد بعض أهل السلطة؟
قلنا مع إطلاق الحرب على الفساد والمفسدين فلننتظر لئلا نكون مخطئين، لم نصدق أن ثمة معركة ستفتح، لكن تمسكنا ببعض أمل، وإذا به راح يتلاشى ويندثر، وكنا نعلم أن الحرب ستنتهي لصالح الفساد إياه، وقبل أن تبدأ، ولم يبقَ إلا أن نرفع الرايات البيض إقرارا بالهزيمة، وبرغم الخيبة والنكسة لا نزال نتطلع بعين الثقة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ونعلم أن الطبقة السياسية المستأثرة والمتمسكة بمفاصل الدولة ستخذله في أول الطريق، ولا نأتي بشيء من عندياتنا، فعلى الأقل هذا ما يردده الناس، وبينهم من يقول إن يدا واحدة لا يمكن أن تصفق.
تبدأ محاربة الفساد برفع الحصانات، لا بتحاصص في تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، تبدأ محاربة الفساد بإعطاء القضاء صلاحيات استثنائية بعيدا من تدخل المسؤولين، لا بالتشهير بقضاة ربما تعرضوا لضغوط، وجميعنا في لبنان يعلم كيف تساق الأمور، وتاليا لا يمكن محاربة الفساد إلا من خلال تأمين استقلالية القضاء فعلا لا قولا وشعارا من على المنابر، ولا عبر ممارسة الضغوط على الجسم القضائي.
ولنتحدث أيضا بالوقائع، ما حصل بالأمس في ملف معمل "إسمنت الأرز" في ضهر البيدر، جاء فاقعا لجهة مكافأة الملوِّث (عادة وفي كل دول العالم الملوِّث يدفع) ومَنْ قَضَمَ جبالا برخصة لمصنع أكثر تدميرا من المقالع و الكسارات ، وأيضا سننتظر كيف ستقارب السلطة هذا الملف الذي تتجاذبه السياسة، وهذا الفساد بعينه، أي ساعة أن تصبح قضية بيئية وصحية بالدرجة الأولى ساحة صراع بين من هو مع ومن هو ضد، ولنتحدث، وبالوقائع أيضا، ارتكبت مجازر طاولت مئات الطيور العابرة، فها سمعنا أن أحدا حوكم وغرم وصودر سلاحه وأودع السجن؟
ثمة أمثلة كثيرة، وسنتطرق إليها تباعا، وكل شيء في وقته، ومن هنا المطلوب ليس محاربة الفساد إذا كان الحجر كبيرا، ونقول لأولي الأمر، بدلا من تبني شعار "مرحرح" كان الأجدى حمل حجر صغير وهو يفي بالحاجة، فقبل محاربة الفساد فلتطبقوا القوانين!