#الثائر - موسكو
عُقد في موسكو في ٢٢ نيسان الحالي، وعلى مدى ثلاثة ايام، المنتدى العسكري للأمن الدولي، بدعوة من وزارة الدفاع الروسية وحضر المؤتمر وفود من ١١١ دولة، بينهم خمسة وثلاثين وزير دفاع، وعدد من رؤساء الاركان، وكبار الخبراء.
ناقش المؤتمرون قضايا الأمن الدولي ومكافحة الاٍرهاب، وشؤون النازحين، والتنمية وإعادة الإعمار. وتم عقد عدة لقاءات جانبية على هامش المؤتمر، تم خلالها تبادل المعلومات ووجهات النظر.
افتُتح المؤتمر بكلمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، القاها سكرتير مجلس الامن الروسي، نيكولاي باتروشيف، شدد فيها على أهمية التعاون الدولي في مكافحة الاٍرهاب، وبذل الجهود اللازمة لتحقيق الأمن والسلام العالميين، ثم كانت عدة كلمات لوزير الدفاع الروسي الجنرال سرغي شويغو، الذي اجرى تقييماً للتعاون العسكري، ونجاح مهمة مكافحة الاٍرهاب في سوريا، ومحاولات الولايات المتحدة الاميركية توسيع حلف الناتو، وقرارها بالانسحاب من معاهدة الصواريخ، خاصة انه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي كان هناك اتفاق غلى التعاون بين روسيا واميركا، وان لا ينظرا الى بعضهما البعض كعدويين، بل يسعيان معاً لتثبيت الأمن والسلام العالميين.
اما وزير الخارجية الروسية لافروف، فشدد على أهمية إنهاء النزاعات المسلحة، خاصة في اليمن، وسوريا، وليبيا، وغيرها وشدد على ضرورة تضافر الجهود الدبلوماسية، لحل النزاعات، واهمية الالتزام بالقوانين الدولية.
وقد تميز المؤتمر بالنبرة العالية، خاصة في خطاب وزير الدفاع الايراني حسين دهقان، الذي هدد بان ايران لن تبق مكتوفة الأيدي اما العقوبات الاميركية، وستتخذ إجراءات رادعة لصد اي اعتداء عليها. وكذلك خطاب وزير الدفاع الصيني، تشانغ وان تشيوان الذي حذر من محاولات التدخل في تايوان، وأعلن ان الصين سترد بقوة على اي اعتداء، ودعا الى الاستمرار في الحوار بين كافة الدول لحل المسائل العالقة.
وكانت لافتة كلمة رئيس المخابرات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين الذي شبّه ما يقوم به الغرب بشركة بيروقراطية، تسعى فقط للتوسع وكسب المزيد من الأموال، وحذر من خطر هذه السياسة على العلاقات المستقبلية بين الدول والشعوب، وكذلك أشار الى ان الولايات المتحدة الاميركية، تُحضر لتدخل عسكري في فنزويلا، خارج إطار الامم المتحدة، وهذا سيشكل خرقاً للقانون الدولي، وانتهاكاً لسيادة دولة عضو في الامم المتحدة .
وحضر المؤتمر الخبير في القانون الدولي والإنساني الزميل اكرم كمال سريوي وألقى كلمة عرض فيها ما يحدث في العالم والشرق الأوسط بشكل خاص منذ التدخل الاميركي في العراق عام ٢٠٠٣ الى الحرب على ليبيا والربيع العربي في تونس وغيرها وصولاً الى الحرب في سوريا حيث يتم التدخل وخلق أزمات تحت مسميات مكافحة الاٍرهاب وحقوق الانسان وحرية الشعوب ودون ان يصار الى حل هذه المعضلات بل على العكس يُصار الى اطالة أمدها بقصد إنهاك الدولة وتفتيتها من الداخل وشدد على ضرورة تحديد مفهوم موحد للإرهاب، من قبل الامم المتحدة، وقال اننا نعلم انه يوجد ارهاب فردي في العالم، لكن منظمات كبيرة كالقاعدة وداعش وغيرها، تحتاج الى أموال طائلة والكثير من السلاح، فمن قدم لهم ذلك؟ واذا كنّا نريد حقيقةً محاربة الاٍرهاب، يجب بداية وقف كافة أشكال الدعم لهذه المنظمات والتي لم يعد سراً كبيرا من يُقدم لها الدعم.
وأضاف ان الولايات المتحدة الاميركية تُصنف حزب الله منظمة ارهابية، ونحن في لبنان نعلم انه قاد المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، مما ساهم في تحرير الجنوب، ونحن نفتخر بذلك، لان مقاومة الاحتلال هو حق مقدس للشعوب، ومكرّس في ميثاق الامم المتحدة وهنالك عدة دول تدعم اسرائيل، التي تقوم بقتل المدنيين، وقصف أهداف مدنية وتعتقل الأطفال، وهي منذ تأسيسها عام ١٩٤٨ قامت بطرد الفلسطينين ومصادرة الأراضي، وتقوم يومياً بانتهاك الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتخرق القانون الدولي الإنساني، وطالب الجميع واليهود بالدرجة الاولى بأدانة الاعمال العدوانية التي يقوم بها الصهاينة في الأراضي الفلسطينية.
وفي موضوع النازحين، قال سريوي انه الآن يعيش في لبنان اكثر من مليوني نازح، من فلسطين والعراق وسوريا، وان ذلك يؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والأمني لدينا، وان لبنان لم يوقع اتفاقية جنيف لعام ١٩٥١ لانها تفرض إعطاء الجنسية للنازحين، وهذا يعني توطينهم في لبنان، والموافقة على طردهم من ارضهم، وهذا ما لا يمكن القبول به او احتماله .
اما بالنسبة للنازحين السورين فعودتهم لا تتوقف على قرار لبنان، لانه لا يمكن إعادتهم بالقوة، فهذا يتعارض مع القانون الدولي وحقوق الانسان، وان الخطوة الوحيدة على هذا الصعيد كانت المبادرة الروسية، لكنها غير كافية. فبدايةً يجب تأمين الظروف اللازمة للعودة، واولها حمايتهم وتوفير الأمن لهم في المناطق التي سيعودون اليها، وهذا يتطلب إنهاء الحرب، والقضاء على ما تبقى من إرهابين هناك بشكل كامل، وكذلك تأمين أماكن الإقامة والسكن، والطبابة والمدارس، وإعادة الإعمار، وهذا يرتبط كله بتوافر الأموال اللازمة، ومن يمكنه دفع المال لا يريد ذلك الآن، وعليه فان هذه المشكلة لن تُحل قريباً على ما يبدو. واذا ما انفجر الوضع الاقتصادي في لبنان، سنشهد موجات نزوح جديد وكبيرة، باتجاه الدول الأوروبية بشكل خاص .
وطالب سريوي بإدخال تعديل على اتفاقية جنيف، الخاصة باللاجئين، بما يحفظ لهم حق العودة، ويُجبر الحكومات على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لعودتهم. وكذلك طالب بإنشاء لجنة دولية بإشراف الامم المتحدة لتسريع عودة النازحين الى ديارهم، وإنشاء صندوق خاص لتأمين هذه العودة، وركز على أهمية التعاون الدولي في مجال الأمن وتبادل المعلومات، وكذلك على مستوى وسائل الاعلام والتوعية لمحاربة الاٍرهاب .
وختم انه لا يمكننا ان نعيش في ارهاصات القرن العشرين، فالعالم يتغير بسرعة وعلينا النظر الى المستقبل والسير قدماً، بغية تحقيق الأمن والسلام العالميين.
وفي ختام المؤتمر، اجرى نائب وزير الدفاع الروسي، العماد الكسندر فومين تقييماً، تحدث فيه عن أهمية الحوارات التي حصلت، وامل في استمرار التعاون بين كافة الدول، وان تشارك في المرة القادمة كافة الدول خاصة تلك التي لم تلبِّ الدعوة هذه المرة الى هذا المؤتمر .