#الثائر
– أنور عقل ضو
اتهم الوزير والنائب السابق نقولا فتوش اليوم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط بـ "الخيانة العظمى"، وكأن الأخير (أي جنبلاط) حاكم تنازل عن أرض لبنانية لدى "كاتب عدل"، وكأنه ممنوع أيضا أن يدلي سياسي برأيه في قضية مشتبكة أكبر من لبنان، وخاضعة لتجاذب العدو والصديق، وهي قضية تحتمل اجتهادات قانونية لا يحسمها إلا مجلس الأمن عبر إعادة ترسيم المنطقة، ونزع اعتراف من الصديق قبل العدو بلبنانيتها.
وبالإستناد إلى تهمة فتوش فلا بد من إجراء المقتضى القانوني، وهو دعا إلى ذلك، بالتأكيد من موقع الحرص على سلامة الأراضي اللبناني وما تحمل من غنى في البحص والرمل، وليس ثمة لبناني واحد يشك بهذا الأمر، يا الله كم للكسارات من سحر وبلاغة، لا ينقصها إلا "الروب الأسود" لتقف تحت قوس القضاء وتلفظ أحكامها بالعدل والقسط، تخيلوا مقلعا يدافع عن الناس وحقوقهم ومطالبهم ورفع المظالم عنهم، أي خواء هذا؟ أي "تهبيش" و"تطبيش" وقرقعة حجارة تطحن في الرؤوس والنفوس.
لم يتركوا لنا مجالا لننتقد وليد جنبلاط، علما أننا لم نقصر في النقد والانتقاد، وذكرنا مرات عدة مواقف لا يطرحها حتى خصومه، لنترك السياسة ونتحدث عن الطقس، أو عن العكوب "المعطوب" في جبال عين دارة، أو عن ذكريات قديمة تعيد إلينا تفاحها النضر مثل "قلب الصباح"، ولنتحدث عن مسارب المياه، عن سواقٍ تلوث ماؤها، عن ينابيع غارت في "عروق التراب"، لا نريد أن نتحدث عن خيانات عظمى وصغرى، عن رشى (من رشوة)، عن تضليل الرأي العام، عن أناس غرقوا بالفساد وما زالو، وإذا كان ثمة إجماع خلال طاولة الحوار آذار (مارس) 2006 في مجلس النواب حول لبنانية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والتأكيد على استعادتها بشتى الوسائل، فما قاله جنبلاط مردود إليه، وما كنا بحاجة إلى "تسميم" الأجواء الداخلية المسمومة أساسا.
لا نريد أن ندافع عن أحد، وهذا ليس دورنا، والكل "يقلع شوكو بإيدو"، لكن عندما ينحدر الخطاب السياسي إلى مستوى بوق وأقل، وثمة أبواق كثيرة، فذلك يعني اللعب بنار متقدة، والبلد ليس ملك فتوش ولا جنبلاط ولا أي حزب أو زعيم.
أخطر ما نواجه عندما تحاضر كسارة بكل ما تعصف به من غبار يحجب الحقيقة، وكم نحتاج إلى "مرشات" أتوماتيكية ونحن نشهد كل هذا النثار والدخان والسخام!