#الثائر
في زحمة المواقف، ومع ما وصلنا إليه من أزمات لا تني تتوالد من رحم الخذلان، فيما لا نزال نجذف في بحر عاتي الموج وبلا قاع، ولا حتى شراع وبوصلة، تطل بعض الآراء والأفكار والتصورات لترفد أيامنا بما يبقي نافذة واخدة مشرعة على احتمال أن يكون لنا وطن يتسع لبعض أحلامنا الضامرة، وفي ذلك قوة ورجاء، وفي ذلك أيضا قدرة على الحلم، لأننا ساعة نفقد نبض أحلامنا نموت ونحن أحياء، وأصعب الموت أن نظل أحياء، نشرب، نأكل، نلبس ونتناسل، لكن بلا دفة ولا قارب ولا شاطئ نراه ولو في الأفق البعيد.
ما استوقفنا اليوم الاجتماع الدوري لـ " لقاء الجمهورية " برئاسة الرئيس السابق ميشال سليمان ، وكان عنوانه الدعوة لإيقاف استنزاف الدولة لصالح الدويلات، وإذا ما قمنا بتشريح واقعنا السياسي المأزوم، نتبين كم نحن مجرد أشلاء في صراع الدويلات، أوليست كل طائفة دويلة؟ أولسنا نعيش شكلا آخر من حرب الميليشيات؟ وكيف لدولة أن تنطلق وهي مفككة بعض قواها لا يتوانون عن "حشر أنوفهم" في صراعات المنطقة؟
هذا ما أكد عليه "لقاء الجمهورية" خصوصا لجهة عدم الغوص في سياسات تدميرية تضع لبنان في موقع لا يشبهه ولا يفيده، ومؤكداً في الوقت عينه على أهمية وضرورة "اعتماد سياسات تخدم الاقتصاد، وضرورة العودة إلى المربعات السياسية الآمنة لتجنيب لبنان الانعكاسات الكارثية الناجمة عن زجه عنوةً في أتون الصراعات الدولية الكبيرة".
قدم "اللقاء" جملة من المواقف ولا سيما في موضوع الموازنة، لافتا إلى أنه "يجب ان تكون مدروسة لناحية عدم المس بجيوب ذوي الدخل المتدني، ومرفقة بإصلاحات ملحّة، منها السياسي ومنها الأمني-القضائي، لضمان وقف الهدر والحد من التهريب والتهرّب وإيقاف عملية استنزاف الدولة لصالح أرباب الدويلات والمحاصصة".
ولم يكتف "لقاء الجمهورية" بكل هذه المواقف، فأكد أن إقرار "الاستراتيجية الدفاعية" بعد مناقشة المسودة المرفوعة إلى هيئة الحوار 2012، يُشكِّل "ألف باء" الإصلاح، وهو الكفيل بإعادة الثقة والإيحاء الصريح أن الدولة تستعد لاسترجاع سيادتها على قرار السلم والحرب"، والأهم حين اعتبر حصرية امتلاك السلاح واستعماله يعودان لإمرة الدولة دون سواها، وبأن المدة الزمنية للانتقال بلبنان من زمن الدويلة إلى زمن الدولة كفيلة لعودة الاستثمارات وارتفاع النمو الذي لامس أدنى مستوياته، لأسباب سياسية بحتة، أبرزها "عدم تحييد لبنان كما ورد في إعلان بعبدا" وعدم إقرار الاستراتيجية الدفاعية أو البدء بمناقشتها وفقاً لما تعهد به رئيس الجمهورية منذ سنة.
باختصار، ودون الإيغال أكثر في مَا ساقه "لقاء الجمهورية" اليوم، ثمة حقائق راسخة، وقد بدت جلية وناصعة وتصلح لأن تكون خارطة طريق لاستعادة الدولة!