#الثائر
أولم رئيس تيار "الكرامة" النائب فيصل كرامي ، على شرف وزير السياحة أواديس كيدانيان ، الذي أمضى يوما طرابلسيا، اطلع خلاله على "أهمية طرابلس السياحية وأهمية مواقعها التراثية والأثرية".
حضر حفل الغداء الذي أقيم منتجع "بالما"، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمرالدين، رئيس بلدية الميناء عبدالقادر علم الدين، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس توفيق دبوسي، رئيس مجلس إدارة معرض رشيد كرامي الدولي أكرم عويضة، المدير الإقليمي للضمان الاجتماعي محمد زكي، أعضاء "لائحة الكرامة الوطنية": طه ناجي، صفوح يكن وعادل زريقة، حشد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والنقابية وأساتذة وطلاب كلية السياحة في جامعة المدينة، وأصحاب وكالات سفر ومهتمون.
كرامي
بعد النشيد الوطني، رحب الدكتور سعد الله حليمة بالحضور، ثم رحب كرامي بكيدانيان، قائلا: "أرحب بمعالي وزير السياحة أواديس كيدانيان في ربوع طرابلس، المدينة المحسوبة عاصمة ثانية للبنان، وهي ليست أول زيارة لمعاليه إلى طرابلس، ولكنها ربما أول زيارة لوزير سياحة لبناني إلى طرابلس. من هنا تتخذ هذه الزيارة بالنسبة إلينا أهمية خاصة، ونقول لمعاليه، أن تأتي متأخرا (ولا نقصده شخصيا، بل نقصد وزراء السياحة جميعا، الذين تعاقبوا على هذه الحقيبة) خير من أن لا تأتي".
أضاف: "في بلد مثل لبنان، لا يجوز اعتبار وزارة السياحة وزارة ثانوية أو هامشية، باعتبار أن الجميع يعرف بأن جزءا أساسيا من الاقتصاد اللبناني قائم على السياحة. أنا لا أريد أن أقول إنها وزارة سيادية، أو وزارة خدماتية، لكنها بلا أي شك، وزارة وطنية من الطراز الأول، لها بعد اقتصادي وثقافي وحضاري يتعلق بالاقتصاد ككل من جهة، كما يتعلق بنقطة مهمة في لبنان وفي الداخل اللبناني، وهي التلاقي والتعارف بين اللبنانيين، ولا تعجبوا إن قلت التعارف، فاللبنانيون يكادون لا يعرفون بعضهم البعض ولا يعرفون مناطقهم، وتحديدا أستطيع أن أجزم لكم، بأن قسما كبيرا من اللبنانيين لا يعرفون طرابلس، يتخيلونها كما يقدمها الإعلام. الكثيرون لم يقوموا بأي زيارة إلى طرابلس، وهم حين يجيئون إلى طرابلس صدفة، ويكتشفون أنها مدينة كبيرة وجميلة، ولديها مميزاتها، من هنا أؤكد على فكرة أن وزارة السياحة لها دور وطني، خصوصا بعد الحرب التي لم تؤسس لسلام حقيقي، والتي كرست القطيعة بين المناطق".
وتابع: "مشكلة طرابلس مع الدولة اللبنانية مشكلة عويصة، وهي ليست ابنة اليوم ولا البارحة، هي مشكلة بدأت منذ قيام لبنان، ولا أريد الخوض في كل الأسباب السياسية والتاريخية والجغرافية وحتى الاقتصادية، التي دفعت إلى نهج سياسي عام اتبعته الدولة اللبنانية، في التهميش والتخفيف من ثقل طرابلس ومن أهميتها، مكتفية بأن تعطيها اسم العاصمة الثانية، اسما بلا معنى وبلا تطبيق، سأكتفي وسأحدد كلامي في الموضوع السياحي، وهو شئنا أم أبينا مرتبط بالنهج العام ومن تداعيات هذا النهج، طريقة تعامل الدولة اللبنانية مع طرابلس".
وأردف: "يهمني أن أقول لمعالي الوزير، إن طرابلس تمتلك أكبر مدينة مملوكية مأهولة في المنطقة بعد القاهرة، كانت السلطنة في القاهرة وكانت نيابة السلطنة في طرابلس، وهذا ما أعطى طرابلس لقب القاهرة الصغرى. إن تغييب هذه الحقيقية، حقيقة وجود أكبر مدينة مملوكية مأهولة في لبنان وفي طرابلس تحديدا هو مسألة سياسية، مع أن هذه المدينة المملوكية، التي تضم مئات المساجد والمدارس والزوايا والتكايا، والتي تشكل ثروة حقيقية على المستوى السياحي والثقافي والمعماري، إن هذا التغييب لم يكن بريئا، ولا نستطيع أن ننظر إليه نظرة بريئة، وكأن لبنان لا يريد أن يسلط الضوء على هذا التاريخ، مع أنه بشكل أو بآخر، هو منتج سياحي، وقد رأينا كيف تعاملت الدولة المصرية مع هذا المنتج في القاهرة، وكيف أن ملايين السياح يقصدون القاهرة القديمة، القاهرة المملوكية لكي يزوروا خان الخليلي والموسكي والسيدة زينب وسيدنا الحسين وسواها من معالم العاصمة المصرية، التي تشكل مقصدا سياحيا عالميا".
وقال: "أنا أطالب عبر معالي الوزير، بمصالحة بين الدولة اللبنانية وبين مدينتنا المملوكية القديمة، التي هي ثروة لكل لبنان وليس لطرابلس. أعتقد أن الكثير من اللبنانيين وربما جميعهم، ومنهم بعض الطرابلسيين أيضا، لا يعرفون أن طرابلس هي المدينة الوحيدة غير اسطنبول التي تمتلك (طالما نتكلم عن السياحة الدينية) كنزا هو ما نسميه الأثر النبوي الشريف، وهو شعرة من لحية الرسول صلى الله عليه وسلم. هذا الأثر النبوي الشريف تحج لرؤيته مئات الألوف من البشر إلى اسطنبول، في حين لا أحد يعرف بوجوده في طرابلس، سوى أبناء المنطقة في العشرة الأواخر من رمضان".
أضاف: "عندما تتم حفريات في لبنان ويعثر بالصدفة على عامودين أو جرة، يتم إيقاف الحفر وتأتي مديرية الآثار ووزارة الثقافة وكل المعنيين إلى الموقع، لكي يحافظوا على هذا الاكتشاف، ويجدوا الطريقة الأنسب للتعامل معه، وهذا أمر بديهي، ولكن نحن في طرابلس لدينا فوق الأرض نسيج معماري متكامل تختلط فيه الحضارات، منذ 700 سنة ومنذ 1200 سنة ومنذ 1400 سنة، فكيف نترك هذه الثروة الكبيرة دون أن نفكر بأنها فعلا ثروة سياحية لكل لبنان".
وتابع: "ذكرت المنتج السياحي الأهم في طرابلس، الذي يمكن تسويقه وهو المدينة المملوكية، ولكن طرابلس، غنية أيضا بالكثير من المعالم الرومانية والصليبية والعثمانية، قلاع وأبراج ومساجد وكنائس والكثير من المعالم، التي تتجمع في بقعة جغرافية واحدة، ولو أتيح تسويقها سياحيا لكنا اليوم المدينة السياحية الأولى في لبنان. إضافة إلى المنتج السياحي ذو البعد الديني والأثري والتراث، فإن طرابلس تنفرد بين كل المدن في لبنان، بسياحة بحرية بوجود سبع جزر قبالة شاطئها، أبرزها محمية جزر النخيل، والتي أيضا هي أكبر جاذب سياحي لو أتيح لها أن تحظى بالتسويق والترويج المطلوبين".
وأردف: "فوق كل ذلك، طرابلس من أرخص المدن في لبنان، يستطيع المرء أن يزور طرابلس، وأن يمضي يوما كاملا فيها، بأقل من مئة ألف ليرة لبنانية، يستطيع أن يدخل إلى المطاعم ويزور الأماكن ويجلس في المقاهي، وأن يجد كل ما يطلبه بأسعارٍ أرخص من بقية المناطق اللبنانية، وهنا لا بد أن أشير إلى الأسواق الشعبية في طرابلس، التي تعتبر من أرخص الأسواق في لبنان".
واستطرد: "والجميل في طرابلس أن المدينة القديمة بكل غناها الأثري والتراثي والديني مجاورة وملاصقة للمدينة العصرية، والمدينتان القديمة والعصرية مجاورتان للشاطئ البحري. إنها بقعة سياحية بامتياز ومن لا يرى ذلك يكون مخطئا، أو فإنه مصر على عدم رؤية ذلك، والحقيقة أن الدولة اللبنانية ليست مخطئة، إنها مصرة على عدم رؤية ذلك منذ زمن. أجدد الفكرة، قبل كل شيء يجب أن تتصالح الدولة اللبنانية مع طرابلس، ومع تاريخ طرابلس، لكي تستقيم الأمور".
ورأى أنه "اليوم لا بد أن ننظر إلى الواقع، والواقع يقول إن المدينة غير مجهزة لكي تستثمر في السياحة، وهذا ناتج عن الإهمال المتراكم وناتج عن انعدام العرض والطلب، وبالتالي فإن أي بداية جديدة لإعادة القيمة الحقيقية لهذا الاستثمار السياحي في طرابلس ستكون بداية من الصفر ولكنها ليست مستحيلة وليست صعبة، لأن المنتج السياحي الأساسي موجود وغني وليس على الدولة (وزارة السياحة) سوى أن تضع الخطة المناسبة لإعادة إنتاج سوق سياحي حقيقي على مستوى لبنان موجود في طرابلس".
وقال: "لن نطلب من وزير السياحة ما ليس من اختصاصه ومن اختصاص الدولة، لن نطلب أن يبني الفنادق وأن يرمم المعالم وأن يستثمر، نحن نطلب بكل بساطة، أن توضع المدينة على الخارطة السياحية، والأمور تبني نفسها، والقطاع الخاص جاهز لكي يستثمر، ولكي يطول حين يلمس، بأن هناك خطة جدية، وبأن هناك منتجا سياحيا يمكن تسويقه ويمكن استثماره بشكل جيد، وأبرز دليل على ذلك أن طرابلس المشهورة بالحلويات هي الأولى في لبنان. وأسمي الأمور بأسمائها تحديدا حلويات الحلاب، الحلويات العربية المعروفة التي تقدمها حلويات الحلاب، وهي معروفة في كل لبنان والعالم العربي، وهذا نشاط خاص واستثمار خاص نجح بامتياز، ومؤخرا نشهد أيضا استثمارا آخر شق طريقه إلى كل لبنان والعالم العربي، وهو خان الصابون، فطرابلس المشهورة بخان الصابون، استطاعت بجهد فردي خاص أن تصل إلى كل لبنان ومعظم العالم العربي"، مشيرا إلى أنه "إذا كانت خطط وزارة السياحة داعمة لباقي المنتجات السياحية وللأهم منها، فإن الأمر سيأخذ طريقه بسرعة، وسيجتذب المستثمرين لحظة يطأ السياح هذه المدينة".
أضاف: "نحن عاتبون لا بل غاضبون، لأن طرابلس غير موجودة ضمن البرنامج السياحي اللبناني في كل النشرات السياحية اللبنانية، وفي كل البرامج السياحية اللبنانية، طرابلس غائبة، البرنامج السياحي اللبناني حين يتجه شمالا، يتوقف عند البترون وتنتهي الحكاية، وهنا نطالب وزير السياحة أن يخالف ماكينزي ونصائح وإرشادات ماكينزي وتوصياته وأن يعطي طرابلس حقها، بأن تكون على الخارطة السياحية اللبنانية"، لافتا إلى أنه "عمليا لا يوجد مكتب لوزارة السياحة في طرابلس، وهذا أمر غريب، فالمفروض أن يكون هناك مكتب وأن يكون ناشطا وأن يقوم بدوره كاملا، على غرار ما يحصل في الكثير من المناطق اللبنانية المقصودة سياحيا".
وتابع: "الغريب أيضا أنه لا توجد نشرات سياحية تضيء على طرابلس، وعلى تاريخ طرابلس وعلى ما تتضمنه من غنى ومن جماليات ومن تراث إنساني كبير، وهذا أيضا تقصير من الدولة وتقصير من وزارة السياحة"، مؤكدا "نحن لا نطالب بالمستحيل ولا بالصعب، بل نطالب بأبسط واجبات وزارة"، لافتا "يهمني أن أقول أخيرا لمعالي الوزير أواديس كيدانيان، بأن نجاح لبنان كان ولا نزال نأمل أن يستمر هو نجاح للتنوع، والتنوع أساسه التنوع الثقافي والتنوع الحضاري، وطرابلس تكمل لبنان ولا تنقصه، لا بل تزيده ثراء. وأنا واثق بأن وجود خطة رسمية لدى وزارة السياحة، سوف يفتح الأبواب أمام القطاع الخاص من أبناء المدينة ومن خارج المدينة، لكي يأتوا ليستكشفوا، ولكي يستثمروا، وربما لن نحتاج لأكثر من سنوات قليلة، لكي تتخذ طرابلس موقعها الذي تستحقه في عالم السياحة".
وأردف: "كما يهمني في هذه المناسبة أن أتوجه بالشكر إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، التي رفعت حظر سفر الإخوة السعوديين إلى لبنان، وبالتالي فنحن موعودون بموسم سياحي جيد، وكما قال لي معالي السفير السعودي في لبنان، فإن أجيالا من السعوديين لم تزر لبنان خلال العقد الأخير، وأنهم سيأتون ونحن نريدهم أن يأتوا لزيارة طرابلس، ونريد من وزارة السياحة أن تضع في اعتبارها أن طرابلس تمتلك كل ما يلزم، لكي تجتذب السائح، ولكي تحقق له الغرض من فكرة السياحة، وبأن المسألة هي مسألة انطلاق العجلة ومن ثم ستدور لوحدها وستبني نفسها بنفسها".
وفي الختام، عرض كرامي على كيدانيان عدة طلبات تهم مكاتب السفريات، أهمها "التشدد والتدقيق في المكاتب المرخصة وغير المرخصة، ووضع طرابلس على مجلة الميدل إيست التي توزع على الطائرات"، كما طلب منه "تسهيل مشروع go north، الذي يرمي الى توزيع منشورات في المطار تعرف السياح والمسافرين على مدينة طرابلس ومعالمها السياحية".
كيدانيان
من جهته، شكر كيدانيان كرامي على حفاوة الاستقبال، وقال: "لقد تشرفت بهذه الزيارة الطيبة، واستكشفت طرابلس، وسأبدأ بمكاتب السفريات، التي طلبت مني زيارتها فرفضت ذلك لأنها غير مرخصة، وأي مكتب لا يؤمن أوراقه الرسمية سيغلق. وبموضوع مهرجانات طرابلس، على القيمين على المهرجان أن يفهموا أن وزارة السياحة ليست وزارة شؤون اجتماعية، وزارة السياحة تدفع عندما يكون هناك عجز، وتغطي نسبة معينة من العجز، القيمين على المهرجان وعدوا من وزير سياحة سابق، بمستند غير مسجل في وزارة السياحة بمبلغ معين، وأنا لا يمكنني تلبية طلب غير رسمي، وقد قلت لا شأن للسياحة بالسياسة، وبالمرسوم، الذي سيصدر قريبا، فكل صاحب حق سيأخذ حقه بناء على معطيات محددة".
أضاف: "الموضوع الأساسي هو كيفية تسويق طرابلس سياحيا، بعدما شعرت فعلا اليوم، أن هناك جهلا عما تحتويه طرابلس من مكامن تراثية وأثرية دينية، لو وجد ربعها في قرية ما، في بلد آخر لصنعوا منها معجزة، ففي بلدان أخرى لو وجدوا جرة لدعوا كل البلدان لرؤيتها، ولدينا مئات المكامن السياحية ولا أحد يهتم بها".
وتابع مخاطبا كرامي: "تسنى لي التعرف اليوم من خلال دعوة معاليك على ثروات طرابلس، وكن على ثقة أننا سنقوم بعدة خطوات أبرزها: تنظيم رحلة لمنظمي الرحلات الذين يعملون من خارج لبنان إلى لبنان (incoming) لتعريفهم على ما تعرفت عليه أنا، فعلا رأينا سياحا أوروبيين في طرابلس، وهذا أمر مهم رغم التعتيم الإعلامي، وعلينا تنظيم رحلة للاعلاميين إلى هذه الأمكنة كي يتعرفوا على طرابلس، فهذا الظلم الذي يلحق بطرابلس، هو بسبب ما يروج بالإعلام عن طرابلس، يجب أن نغير نظرة الناس لطرابلس عن أنها مدينة أشباح، من خلال الإعلام، فمواكبة الإعلام لطرابلس هي الأهم، وسنقوم بهذه الخطوات قبل فصل الصيف، رغم أن السياحة تأخذ بعض الوقت، وقد اتفقت مع رؤساء البلدية في طرابلس والميناء، على أن أزورهم قريبا، لأطلع منهم على كافة التفاصيل ونعمل معا برعايتك إن شاء الله. نتحدث عن الأسواق والمساجد والجزر والمعرض وعدة أماكن أخرى تستحق الاستثمار".
وختم "السياحة ستكون العلامة المميزة هذا العام، رغم أن وزارة السياحة، ليست وزارة خدماتية ولا سيادية، وربما هي في آخر الوزارات أهمية، وربما حين سلموني إياها اعتبروني طفلا، وقالوا خذ هذه الوزارة وتصرف بها، ولكن نحن لدينا كل اليقين أن السياح سيأتون إلى لبنان، وسنبدأ بتعريفهم على طرابلس، وسنضع طرابلس على موقع وزارة السياحة"، متوجها إلى كرامي بالقول: "رغم أنك حملتني فوق طاقتي، إلا أنني أعد وأفي وسأسعى للقيام بكل ما يلزم، لإنصاف هذه المدينة".
وفي الختام، سلم كرامي كيدانيان درع تيار "الكرامة" تكريما له.
وطنية -