#الثائر
– أنور عقل ضو
على كل مسؤول، نائبا أو وزيرا أو "خزمتشيا" لدى زعيم، أن يعلنَ أمام الملأ بأنه قادر على العيش بالحد الأدنى للأجور، وأن مبلغ مليون ليرة يكفيه له ولعائلته، وإن كان من المتعذر عليه أن يشعر بجوعنا وتعبنا وسهرنا، كدا وراء لقمة العيش، نحن الفقراء مالا لا عزة وكرامة، فليستقِل من باب الحياء، وأي مسؤول لا يعيش وجع المواطنين أجدى له أن يهاجر رأفة بنا نحن من اكتوى بنار فساده، وأي مسؤول فكر ولو للحظة بتقليص رواتب ومخصصات الموظفين والمتقاعدين هو بالضرورة فاسد، والفساد لا يقتصر على هدر المال العام وإبرام الصفقات والتحاصص فحسب، وإنما الفساد في قمته الأعلى وبرجه العالي، عندما يغترب المسؤول، أي مسؤول، عن معاناة شعبه وينأى عن هموم ناسه.
البعض من جهابذة الاقتصاد وفطاحل الإعلام وأسياد التبعية لزعيم أو نصف مسؤول، طالعنا بمقولة أن مثل هذه الإجراءات مؤقتة، نقول لهؤلاء "صَـــهْ" وإلى الجحيم غير مأسوف عليكم، وكل هؤلاء "المبعبعين" ينظِّرون ويلهجون دعما لإجراءات التقشف هم من أصحاب المليارات، ما عضهم الجوع يوما، ولا اضطرتهم ظروفهم لاستجداء إذن دخول لقسم طوارئ في مستشفى، ولا يقطنون قرب مجاري الصرف الصحي على ضفتي الليطاني وأنهر لبنان الملوثة، ولا يتسكعون طلبا لوظيفة، ومن لا يشعر بوجع الناس، عليه أن يعيرنا سكوته، ونرده له بعد أن يمر هذا "القطوع".
من يحابي ويتزلف و"ينهرق" أمام مسؤول ليس بإعلامي وليس باقتصادي ولا حتى بمحلل سياسي، من أمثال أولئك الذين يدسون السم في العسل، مشكلتنا اليوم لا تقتصر على أهل السياسية فحسب، وإنما على من يروجون لإبداعات ست الكل "ماري أنطوانيت"، وفي قلب معظم المسؤولين في لبنان ثمة "ماري أنطوانيت" تمضغ البسكوت أو الـ Biscuit مرضاة للــــ nouveaux riches، (غيش وليس ريش) لزوم الـ Accent، ومن يتكىء على إرث وميراث لا يساوره هم إن فرضت ضريبة جديدة على رغيف الخبز، ومن تكالب وتغول في نهب الناس وسرقة المال العام والخاص يصعب عليه الشعور بمعاناتهم، وثمة "تمسحة" في السياسة والاجتماع وعالم رجال المال أيضا.
من يدافع عن الملوثين ويسهِّل لهم الحصول على تراخيص بغير وجه حق عليه أن ينصب خيمة على إحدى ضفتي الليطاني ، وتحديدا في قب الياس، حيث مكبات الزبالة ومصبات الصرف الصحي ، ومن يدافع عن صناعة الإسمنت عليه أن يسكن فوق "داخون" أحد معاملها، ومن يسعى للتقشف من جيوب الناس أن يتبرع بكامل ثرواته لخزينة الدولة، فكثير من هذه الأموال سرقت من جيوبنا، العين والسن بالسن والبادي أظلم!