#الثائر
" – قسم الشؤون العربية والدولية
من هي القوى الدولية الساعية إلى رسم "مستقبل" الجزائر؟ سؤال يتبدى في هذه اللحظة الحرجة التي يعيشها بلد المليون شهيد عقب تعيين رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيساً لمرحلة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر، ما استحضر هواجس الجزائريين حيال مستقبل بلادهم، في ظل مخاوف حقيقية من مصادرة العسكر لإرادتهم ومحاولة استنساخ التجربة المصرية، وبإيحاءات دولية تسعى إلى تكبيل الجزائر وإقصائها عن موقعها في حاضرة الصراع العربي – الإسرائيلي.
كما أن الحدث الجزائري غير منفصل عما تشهده ليبيا واليمن، وإن بدا للبعض أن ثمة ما يجافي الواقع، غير أن كل هذا الجنون الذي نعيشه في عالمنا العربي اليوم يمثل حلقة من مخطط جهنمي يهدف إلى تمرير صفقة القرن والتطبيع مع إسرائيل، وتاليا، إلهاء الدول العربية بصراعات داخلية، فعلى سبيل المثال هل كان من قبيل الصدفة أن تندفع قوات خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس حيث مقر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا؟ كما لا يخفى أن حفتر عبر سيطرته على المزيد من المناطق يسعى لأن تكون له اليد الطولى للتأثير في أي مائدة تفاوض في الأزمة الليبية، لكن لمصلحة من؟ ومن هي القوى الداعمة؟
ما تشهده الجزائر اليوم يبدو أنه أقرب إلى توفير الممهدات الأولى لانقلاب عسكري أبيض، أو هكذا يُراد للجزائر أن تستنسخ المرحلة "البوتفليقية" بوجه آخر، وهذا ما يفسر رفض أكثر من 100 برلماني حضور تنصيب رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، وغالبيتهم من المعارضة التي تعتبر بن صالح أحد رموز النظام وطالبت بإقالته، وبتنحية رئيس "المجلس الدستوري" الطيب بلعيز (الرجل الثالث في الدولة)، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، المرفوضين شعبيا وبشدة.
ما لا بد من الإشارة إليه أيضا هو الإصرار على تنصيب بن صالح رئيسا للدولة، رغم الإرادة الشعبية التي تجلت في التظاهرات المستمرة رغم الصرامة غير معهودة التي أبدتها قوات الأمن حيال المتظاهرين، وهذا ما اعتبرته بعض القوى الجزائرية تحديا صارخا واستفزازا للجزائريين، واستخفافا بالعقول، خصوصا وأن ما بات واضحا الآن يؤكد أن المطلوب استمرار منظومة الحكم نفسها.
في هذا السياق، يأتي ما قاله المحامي والناشط السياسي مقران آيت العربي، واضحا ومعبرا حين أكد أنه بوصول بن صالح إلى قصر الرئاسة، وبقاء بدوي في قصر الحكومة، وبلعيز على رأس المجلس الدستوري، (وما بات يعرف بـ "الباءات" الثلاث) تدخل الثورة المضادة لإرادة الشعب مرحلتها العملية، خصوصا وأن تنظيم الانتخابات الرئاسية تحت قيادة ما أسماه "مهندسي التزوير والفساد" وفي ظرف 90 يوما سيؤدي لا محالة إلى بقاء النظام لمدة طويلة ويبقي الجزائر أسيرة صراعات داخلية.