#الثائر
– أنور عقل ضـو
لا يمكن أن يكون القتل "هواية" ولا "رياضة"، وأية مقاربة لملف الصيد البري لا تأخذ في الاعتبار أننا في هذا الكوكب نتشارك مع جميع الكائنات ولها حق الاستمرار تماما كالإنسان، فعبثا نحاول، ولا نعرف من شرَّع لنا قتل الطيور لنمضي أوقاتا "سعيدة" نروح فيها عن النفس، أو لنتمشي كي "نحرق" بضع "كالوريهات" ونقضي على الكولسترول للتمتع بصحة جيدة، فيما الطيور المقيمة أبيدت ومعظمها انقرض، أما المهاجرة فترتكب بحقها مجازر بقانون صيد أو بدونه، فُتِح الموسم أم لم يفتح، ويُراد لنا أن نصدق أن ثمة صيدا مستدام، أو أن قانون الصيد يحمي الأنواع من الاندثار!
ولنقل أَنه لا بد من تنظيم قطاع الصيد البري في لبنان، وكي لا يعتبر البعض أننا نغالي في هذا الموضوع، هل ثمة آلية واضحة لتطبيق القانون؟ في الموسم الماضي سطرت بعض محاضر الضبط على خجل، واستمرت الاستباحة والجرائم ولا رف جفن مسؤول، أما بالنسبة إلى أساليب الصيد الممنوع فلا تزال الأشراك قائمة على سطوح المنازل، ولم تُقْدِم بلدية واحدة على رفعها والاقتصاص من المرتكبين وتحويلهم إلى القضاء المختص، ويمكن لوزير البيئة فادي جريصاتي أن يقوم بجولة ميدانية للتأكد من أن هذه "الأشراك" صارت بعض "ديكور" لقتل الطيور ليلا عبر استخدام مصابيع كاشفة ومكبرات صوت فضلا عن "شلل الدبق" و"الشباك" المحضور استخدامها في أي بقعة من لبنان.
إذا كنا لا نستطيع وقف الصيد الممنوع، فكيف نضبط الصيد المسموح؟ أليس في ذلك استهزاء بالعقول؟ وما معنى أن تشهد بعض مناطق لبنان في الأسابع القليلة الماضية مجازر طاولت طيور اللقلق في مرياطة، حيلان، كفرحبو، إيزال، بيت عوكر، عزقي، بوسيط، تربل، زغرتغرين، صخرة، جرجور، عشاش القادرية والفوار؟ هل حال وقف موسم الصيد دون وقوع هذه المجازر؟ وماذا عن الرسائل التي يبعث بها ناشطون من أوروبا الشرقية إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ، مناشدين تركها تمر بسلام، حيث تعتبر طيور اللقلق صديقة المزارع ويبنون أعشاشها وينتظرون عودتها وبعضها يقضى عليه في لبنان؟ علما أن المجار تطاول أيضا الجوارح المحظور صيدها.
يخطىء الوزير جريصاتي في مقاربة ملف الصيد بإيحاءات تقدم له من تجار الأسلحة وذخائرها، ومن بعض من يسوقون للصيد المستدام، علما أن لا صيد أساسا، وما عاد ثمة ما يطير في ربوعنا، فيما عدا أنواع قليلة مهددة، وكنا ننتظر أن تقدِّمَ وزارة البيئة بالتنسبق مع خبراء الطيور جردة بالأنواع المنقرضة، والأعداد المتبقية وتصنيف مدى الخطر المحدق بها، وأية مقاربة لهذا الملف من خلفية ما حققه "تنظيم" الصيد من مداخيل للخزينة تعني أننا محكومون بالقتل هواية.
على وزير البيئة أن يرمي هذا الملف في وجه الجميع، لا أن يتبنى مواعيد لإطلاق موسم القتل، فنحن أعجز من تنظيم ملف بهذا الحجم، وتنظيم هذا الملف لا يعدو كونه مزحة سمجة، وإلى أن يدرك اللبنانيون أن ثمة قوانين قابلة للتطبيق، يمكن عندها الحديث عن تنظيم ملف الصيد، وتاليا النظر في إمكانية افتتاح مواسم الصيد، بالاستناد إلى ما يقرره الخبراء لا التجار!