#الثائر
يُفسدون ويهدرون المال العام، يتحاصصون ويقتسمون التلزيمات والدراسات والمشاريع ويتقاسمون "نِعَم" الدولة عليهم من جيوبنا، ويرهنون مستقبل أولاد وأحفادنا لدين عام يتعدى بكثير ما هو معلن من قبلهم، ويرديوننا اليوم وبأعصاب باردة أن نشد الأحزمة، مع التلويح بإجراءات تقشفية، وكأننا نحن شركاء فقط في الخسارة وهم أرباب النهب "المقنع" وسادة السمسرة وتضييع مال الناس.
ثمة مصاريف متوارية لوزارات ومرافق عامة، وثمة أيضا قروض مصنفة على أنها غير ذي جدوى كان يمكن لو أقرت أن تذهب للمحسوبين والمحسوبات، كما ذهب غيرها، بذخ على حساب خزينة الدولة، يخوت Luxury، سيارات فارهة ومواكب تعيد تذكيرنا بموكب الرئيس الأميركي الراحل جون كينيدي وأسطول سيارات رئيس الاتحاد السوفياتي السابق ليونيد بريجنيف، وكأن لبنان دولة نووية ومسؤوليها يملكون أسرار أسلحة دمار شامل وصواريخ بالستية طويلة وقصيرة ومتوسطة المدى، وأخرى عابرة للقارات.
هم محصنون وممنوع المس بهم إن بدا أن ثمة مجرد شبهة بتبديد المال العام، لاعتبارات طائفية مسيجة بـ "فيتو الخط الأحمر"، أما بالنسبة إلى مزاريب الهدر فنحن من سيسدد الفاتورة الأكبر، غبر خدمة دين عام نطّ وقفز عن المئة مليار دولار، والخير لقدام، والمطلوب اليوم أن "نشد الحزام" على معدة خاوية، لنتحمل تبعات الجوع وكأننا في صحراء ضربها إعصار ولم يُبقِ فيها واحة خضراء نعثر وسط كثبانها على ما يسد الرمق ويخمد سعير العطش، ونحن دائما شركاء فقط في تسديد ما حصدوا هم من ثروات وعطايا وتقديمات، وفي كل ما تنعموا به على حساب حق أولادنا بعيش كريم، ولا هم إن تشظى الجوع وعض الفقر المواطن الرازح تحت أعباء اقتصادية ومعيشية.
من يعيد المال المهدور؟ من يحاسب من؟ وأين العدالة في مَا نحن عليه بين من يملكون كل شيء ومن لا يملكون شروى نقير؟ وكيف يمكن للمواطن المغلوب على أمره أن يتحمل تبعات واقع هم ساهموا في تأزيمه وأوصلوه إلى هذا الدرك الخطير؟ وهل تستوي العدالة بين من يهدرون ومن تُهدر أعمارهم؟ هل رأينا مسؤولا (درجة أولى) يساق مكبلا إلى القضاء؟
إن لم نشهد إسقاط وإبعاد مسؤولين ورفع حصانات وإطلاق محاكمات، فلن تجد الدولة من خيار سوى أن تدعونا إلى "شد الأحزمة"، أو ربطها، لا فرق، والتطمينات التي يسوقها البعض لجهة أن الأمر لن يطاول المواطن العادي ليست بأكثر من تخديرنا قبل إقرار سلسلة جديدة من الضرائب.
حيال ذلك، نقول للمسؤولين، مجتمعين أو متفرقين، فرادى أو زرافات "شدوا أحزمتكم" أو "حلوا عنا"!