#الثائر
هو أكبر من اشتباك سياسي ما شهدناه بين " التيار الوطني الحر " و" تيار المستقبل "، ولا يمكن اعتباره "مناوشات" في فترة هدنة كان يفترض أن تصمد أكثر من شهر ونصف الشهر، فالخطاب عالي السقف بدا في اليومين الماضيين قصفا مركزا حينا وعشوائيا أحيانا كثيرة، وأي اشتباك قد يؤسس لمعركة لا تبقي ولا تذر، وأقلها "تطيير" الحكومة والإطاحة بشعارها "إلى العمل"، وإن كان مثل هذا الأمر غير مطروح حاليا، والأمور مرهونة بأوقاتها، لكن التصعيد ستكون له تداعيات على مجمل الأوضاع في البلاد.
لا نقول هذا الكلام من باب "ذر الرماد في العيون" فأصحاب الشأن "كفوا ووفوا"، ونحن لسنا بأكثر من متفرجين لا حول لنا ولا قوة، وننتقد في حدود أن مصلحة لبنان تستأهل أن يضحي الجميع، وأن ليس ثمة ملفات لا يمكن مقاربتها بحد أدنى من التفاهم، خصوصا وأن العمل الحكومي والمؤسسي بات برمته على المحك مع الحديث عن "مؤامرة"، بغض النظر عمن أطلقها، لكن أن يصل مستوى التخاطب إلى هذا الدرك فلا نستبشر خيرا، وإنما بنقيضه، كأن تستبيح ساحتنا الشرور وهذه أولى بوادرها.
وليس ثمة مبالغة مع هذا الانقسام الحكومي أن يصبح الطرح مستقبلا حاملا دعوة لإسقاط الحكومة ، وهذا ما سبق وأن أشرنا إليه في "الثائر" althaer.com منذ إعلان تشكيلها، وقلنا بما أنها وليدة تسوية فهي تحمل ما يكفي من تناقضات لعرقلة عملها و"تطييرها" أيضا، ولا نلقي باللائمة على تيار سياسي بعينه، فعندما تتعقد الأمور وتصل حد التصعيد دون ضوابط يصبح كل شيء ممكنا وكل الخيارات واردة، لكن يظل الرهان على هدنة تعيد ترتيب الأولويات وفق نظرة واحدة إن لجهة ملف النازحين السوريين، وإن لجهة غيره من الملفات الاقتصادية والخدماتية ووما أكثرها.
وسط هذا الجو المحموم، لا نعلم كيف سيستقبل لبنان الأسبوع المقبل وزير الخارجية الأميركية مارك بومبيو، وإلى أي وجهة نظر سيستمع، خصوصا وأن من بين القضايا المطروحة قضية النازحين، ومن ثم بأي انطباع سيخرج إذا ما استمع إلى وجهتي نظر "رسميتين" في دولة منقسمة على نفسها ويتبنى أقطابها خطابين متباينين.
لا نملك إلا الدعاء بأن يهدي الله الجميع إلى ما فيه خير لبنان، مشفوعا بعبارة المخلص السيد يسوع المسيح (عليه السلام) نرفعها إلى الجميع: "اغفر يا أبتاه لهم لأنهم لا يدريون ماذا يفعلون"!