#الثائر
– أنور عقل ضو
تعقيبا على مقالة الأمس في "الثائر" althaer.com " نعم لحل مجلس النواب "، ثمة كلام كثير لم نصرح به بعد، وإذا كنا قد تحدثنا حصرا عما توصلت إليه لجنة المال والموازنة في موضوع التوظيف العشوائي والبحث عن نحو ثمانية أو تسعة آلاف شخص دخلوا إلى الإدارات بتوظيف انتخابي أو سياسي، ما أثار تساؤلات طرحها رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان، فلا بد من القول إن رشوة تسعة آلاف شخص بوظائف تعني عمليا وجود خمسة وأربعين ألف صوت غَـيَّرت في نتائج الإنتجابات، على قاعدة أن كل مرتشٍ لديه كمتوسط نحو خمس أصوات.
هذا إذا إستثنينا الرشى الأخرى من "الزفت" الإنتحابي إلى شراء الذمم، فضلا عن أن الوزراء المرشحين وظفوا حضورهم ووزاراتهم في العملية "الديموقراطية"، وحولوا الوزارات في حدود نافرة لما يشبه المراكز الانتخابية، ما يرقى إلى مستوى فضيحة وأكثر، وثمة ممارسات رافقت التحضير للانتخابات، وتعرض فيها المرشحون من خارج قوى السلطة لإرهاب معنوي، تمزيق صور، قمع، والتعرض للبعض بالضرب والاعتداء، فضلا عن أن مرشحين استحضروا لغة غرائزية كادت تمس السلم الأهلي، إضافة إلى أن المال الإنتخابي حرم مرشحين أكفاء من مواجهة مافيات المال، وهذا يعني أنه لم تكن ثمة عدالة بين المرشحين.
لن نتحدث عن قانون الإنتخاب، وتضخيم "إنجاز" ما اعتبر "سابقة" في تاريخ لبنان مع اعتماد النسبية، وهذا أمر تناولناه في مقالات سابقة، وقلنا يومها أن تحالف قوى السلطة الطوائفية لا يمكن أن يعتمد قانونا يمهد لإبعاد تأثير "محادل" زعماء الطوائف، وأنه في مكان ما لا أحد يمكن أن يلغي نفسه، ولا يعني ذلك أن كل النواب فاقدون لشرعية التمثيل، لكن في ظل قانون إنتخاب فُصِّل على مقاس الزعماء كان من الطبيعي أن تصل قاطرات الطوائف كاملة أو ناقصة بعض المرشحين إلى المجلس النيابي.
إن قانونا إنتخابيا هجينا بين الأكثري والنسبي لا يمكن أن يأتي بغير مجلس هجين أيضا يضم نوابا ليسوا بأكثر من "تكملة عدد"، وبالإستناد إلى ما أتحفنا به ممثلون حقيقيون للأمة في جلسة مناقشة البيان الوزاري للحكومة، نتأكد أن هكذا انتخابات أفضت إلى مشهد كاريكاتوري كنا نحن المواطنين بعض ضحاياه ومتابعيه.
وإذا ما نظرنا إلى ملفات الفساد التي "قد تطير معها رؤوس كبيرة" بحسب توصيف أحد النواب، فإن المجلس الحالي هو أيضا بعض تجليات هذا الفساد، وهذا ما يطرح أكثر من علامات استفهام، لكن ما هو مؤكد أنه في المواضيع الكبيرة لا توضع العربة أمام الفرس، بمعنى أن استئصال الفساد كان يجب أن يسبق الانتخابات، ما يعني أن محاربة الفساد لن تفضي إلى شيء، ولا نعول عليها أساسا، ونحن الآن أمام مجلس نواب مطعون بتمثيله!