#الثائر
مع ما نطرح من هواجس ومشكلات بيئية مزمنة، لم تتمكن الحكومات السابقة من مواجهتها، وظلت عاجزة عن تحريكها وفق ما يقتضيه الواجب الوطني، تناولنا بالأمس بعض فضائح المقالع والكسارات، ولا سيما تلك القائمة منذ أكثر من أربعين سنة في أعالي بلدة عين دارة (قضاء عاليه)، وسنطل تباعا على بعض الكوارث القائمة، لنضعها في عهدة الحكومة بشكل عام ووزارة البيئة بشكل خاص.
نعلم أن العبء كبير، وإرث الفساد والفوضى لا يعالج إلا من خلال مسار عام وطويل، لكن المهم أن نبدأ من مكان ما، دأبنا أن يكون ثمة تكامل بين الإعلام والمسؤول، ونُراكمُ تعاونا يفضي في النهاية إلى هدف واحد، خصوصا وأننا متفقون على العناوين الأساسية فيما يتعلق بمواجهة أزماتنا الماثلة، والسعي لمحاصرة تلك التي من الممكن أن تطل برأسها إذا لم نبادر من الآن لتحديد عناوين وخطوط المواجهة.
ويهمنا في هذا المجال، أن تقارب الحكومة ملف النفايات المنزلية الصلبة بعيدا من الارتجال الذي نعيش اليوم فصولا منه، مع مطامر شاطئية خربت ودمرت وشوهت ولوثت شواطئنا وبحرنا وهواءنا، إرتجال "أنتج" أكثر من ستعمية مكب عشوائي في كل المناطق اللبنانية، فيما نحن موعودون بالمحارق، ومثل هذه الخطوة هي كمن "يستجير من الرمضاء بالنار"، وخيار الحرق، وإن زُيِّنَ بشعارات جاذبة لكنه في واقع لبنان سيكون مجلبة لكوارث أشد وأكبر، فلبنان بمساحته الصغيرة وبنوعية نفاياته (أكثر من خمسين بالمئة نفايات عضوية) لا يمكن أن يتحمل مضار المحارق، فضلا عن أن هذه التقنية تتطلب شروطا علمية وصحية وبيئية صارمة غير متوفرة.
لن نستفيض أكثر، ولكن نقول حذار المحارق، وهنا نطالب وزير البيئة فادي جريصاتي الوقوف على أسباب فشل أو إفشال معامل المعالجة، خصوصا وأننا نشتم رائحة صفقات للترويج للمحارق، مع بدء تسويق هذا الخيار الكارثي، فالمطلوب مراجعة شاملة قبل الشروع بأي خطوة كي لا نقع في المحظور.
وهنا، نعود ونؤكد أن لا حل لمشكلة النفايات في لبنان إلا عبر اعتماد الخطة المتكاملة التي تلحظ سلة من المعالجات والإجراءات، تبدأ من التخفيف، والاستعادة (إعادة التدوير) أي المعالجة القائمة على الفرز وطمر العوادم، وثمة خبراء بيئيون في لبنان مشهود لهم بالكفاءة يمكن أن يقدموا تصورات توفر سبل المعالجة الأقل ضررا على لبنان واللبنانيين.