#الثائر
أقام وزير الدولة لشؤون التخطيط في وزارة تصريف الاعمال ميشال فرعون ، مساء اليوم، مأدبة عشاء في منزله بالأشرفية على شرف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، في حضور بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك مار يوسف الأول العبسي ، الرئيس تمام سلام ، الوزراء: غطاس خوري، ملحم رياشي وجمال الجراح، السفيرة الأميركية في لبنان إليزابيث ريتشارد، سفير الإمارات حمد الشامسي، محافظ بيروت زياد شبيب، رئيس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني.
فرعون
استهل العشاء بكلمة للوزير فرعون توجه فيها إلى الرئيس الحريري فقال: "أتلقى منذ الأمس سلسلة اتصالات يسألونني ما إذا كان العشاء لا يزال قائما أو ألغي طالما أنك في باريس، فقلت لهم أنه بخبرتي مع الرئيس سعد الحريري فإن كلمته دائما كلمة، وبالفعل أنت يا دولة الرئيس، كلمتك دائما كلمة. واليوم أقول لك أنك صاحب القلب الكبير والضمير الكبير. وقد يكون أسهل لمن يعمل في السياسة أن يكون بلا قلب ولا ضمير فيكون همه المصالح، أما حين يكون لديه قلب وضمير تصبح المهمة أصعب. لكنك يا دولة الرئيس أصبحت بحجم المسؤولية وأكبر، ولم يعد لديك ما تبرهنه لأحد. بالتأكيد لن نتحدث عن ضريبة الدم التي دفعتها، لكن التضحيات والعطاءات تشهد لك. فأنت روح الاعتدال، وهذا ليس مصطنعا لديك بل حقيقي. والاعتدال قوة، وكلما كان رجل السياسة قويا كلما كان أكثر اعتدالا، فهذه ضمانة. من هنا، علينا أن ندعمك أكثر في كل مسؤولياتك، الحزبية والرسمية، لكي تبقى أكثر قوة وتهتم بكل الطوائف وبالصيغة اللبنانية، لأنك قادر على أن تحمي الجميع وتحمي صيغة مؤتمر الطائف الذي بات دستورا. من هنا قد نتساءل عن بعض التنازلات التي تقوم بها أو التسويات، لكننا نعرف اليوم أنك بخبرتك تستطيع أن تقيم التنازلات التي هي لمصلحة البلد، وإن زايد البعض عليك فيها، كما تستطيع أن تقيم تلك التي لا يمكنك أن تسمح بها، لأنها قد تنطوي على مس بالسيادة. لهذا السبب نحن اليوم مطمئنون الى انك ستقوم بأي تسوية لمصلحة البلد، ولو كانت حتى على حسابك الشخصي، وأنك سترفض أي تسوية إن لم تكن في مصلحة البلد، ونحن معك في كلتا الحالتين".
وأضاف: "كثر اليوم ينتظرون مني أن أتحدث معك عن حقوق الطائفة، لكني لن أفعل، لأننا سبق لنا أن تحدثنا في كل هذه المطالب، بحقوق الطائفة وحقوق بيروت، وكنت دائما متجاوبا مع كل مطلب محق. وجميعنا اليوم هنا نتمنى تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، ليس فقط من أجل تفعيل المؤسسات الدستورية، بل لأن هناك حاجة حقيقية لتطبيق سلة الإصلاحات اللازمة".
وختم الوزير فرعون متوجها إلى البطريرك العبسي بالقول: "لقد سعيت دائما لتفعيل مؤسسات الطائفة واستيعاب كل هذه المشكلات الكبيرة جدا، سواء في سوريا أو فلسطين أو لبنان".
العبسي
ثم تحدث البطريرك العبسي فقال: "أشكرك يا معالي الوزير فرعون على دعوتك، وعلى أنك جمعت من حولك في هذه الدار الكريمة باقة جميلة من الوجوه اللبنانية، ناهجا نهج من سبقونا من الأوائل، ومن بينهم عائلتكم العريقة في لبنانيتها وفي كاثوليكيتها. أولئك الذين أرسوا لبنان على معطى جوهري، هو التلاقي بين جميع مكونات لبنان، لإدراكهم السليم أنه المفتاح الذهبي للتشاور والتفاهم وإقصاء كل ما من شأنه أن يفرق ويهدم".
وأضاف: "أشكر دولة الرئيس سعد الحريري على حضوره المشرف والمفرح، الذي نرى فيه دلالة عميقة، وهي تقديره لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك، ولإسهامات أبنائها الكثيرة المتنوعة، في بناء لبنان والحفاظ عليه، وللدور الرائد الذي يقومون به لجمع الأطراف وتسهيل الحوار ومد الجسور والتمسك بشعارهم، أن التوافق واجب ممكن، حتى في أحلك الظروف والأوقات. وإن ما هو جوهري في الأمر هو نظرتنا المشتركة بيننا وبينكم، يا دولة الرئيس، بأن الشراكة الوطنية لا تقاس بالعدد والكم الجامدين، بل بالحضور الفاعل. وهذه هي الروح التي بني عليها اتفاق الطائف، الذي كان والدكم رحمه الله، من عرابيه والمتمسكين بتطبيقه، والذي تؤمنون به وتتمسكون به بدوركم، سائرين في الطريق عينه. وهذه هي الروح التي تجعلنا أيضا نخرج من مقولة إن شعب لبنان أقليات متعايشة، إلى مفهوم التنوع الغني للشعب الواحد. المقولة الأولى تباعد وتضعف، والواقع أثبت ذلك. فيما المقولة الثانية تقرب وتقوي. من أجل ذلك نقول: "نحن لسنا أقلية، لسنا عددا توزع علينا حصصا، بل نحن شركاء في المواطنة، إن اختل توازن حضورنا ووجودنا، اختل الجسم كله".
وختم : "أشكركم جميعا على حضوركم الذي نرى فيه باعثا على الاستمرار في الأمل، وفي العزم على السير معا، من أجل لبنان، مهما كان الثمن وبلغت التضحيات. وأدعو الله أن يأخذ بيد دولة الرئيس، وفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وجميع المسؤولين المعنيين، لكي نخرج إلى الشمس من ظلمة النفق الذي نمر فيه، فإن صراخ المتوجعين بلغ أبواب السماء".
الحريري
وختاما، تحدث الرئيس الحريري فتوجه إلى الوزير فرعون بالقول: "شكرا على هذا العشاء في بيتك الكريم، أنت المعروف بكرمك ومحبتك لبيروت ولنا، وبعلاقتك المميزة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبالعلاقة المميزة بيني وبينك. كما أشكر غبطة البطريرك على وجوده بيننا".
وأضاف: "لا شك أننا نمر في مرحلة صعبة جدا، وكما ترون جميعا، فأن هناك مشاورات تحصل ونأمل أن تكون إيجابية. أنا بطبعي شخص متفائل، وتفاءلوا بالخير تجدوه. وأنا أرى أن لبنان لديه فرصة، وأمامه تحديات. الفرصة تكمن في مؤتمر "سيدر" وكل الأصدقاء الذي يرغبون في مساعدة لبنان واقتصاده وأمنه واستقراره. أما التحديات فهي صعبة، إن كان على صعيد المالية أو البنى التحتية أو غيرهما. لكن هذا لا يعني أن الشعب اللبناني، الموجود في كل أنحاء العالم، ولديه كل هذه الامتيازات والأدمغة، غير قادر على أن يقوم ببلده.
كلا، نحن قادرون على أن ننهض بوطننا، وكل ما علينا أن نقوم به هو أن نشكل حكومة، تعمل على أسس واضحة وتقوم بالإصلاح الذي تم إقراره في "سيدر". وأنا كنت قد اتفقت مع جميع السياسيين على أن الشرط الأساسي لإنجاح هذه الحكومة هو أن نقوم بالإصلاحات اللازمة من أجل مصلحة المواطن اللبناني، خاصة وأن هذه الإصلاحات الموجودة في "سيدر"، نحن من وضعها وتشاورنا بها مع البنك الدولي ومؤسسة النقد الدولي ومع الجميع من أجل أن ننهض بالبلد، وهي تفيد الشعب اللبناني. من هنا علينا أن نحارب الفساد في كل مرة، وهي معركة ستكون صعبة، لكني على ثقة أن فخامة الرئيس ودولة رئيس المجلس النيابي وأنا مصرون على هذه السياسة، وكذلك كل مكونات هذه الحكومة. من هنا ندعو الله أن يقدرنا على الخير وعلى الصبر لكي نكمل هذا المشوار. نحن نعرف إلى أين نتجه، ولكن الطريق تحتاج إلى بعض التمهيد، فيها حفر كبيرة ولكن إن شاء الله لن نقع فيها، وأملي هو في هؤلاء الشباب والشابات اللبنانيين الذي هم مستقبل لبنان. وإذا كانوا اليوم يتخرجون من الجامعات من دون أن يجدوا وظائف، فإن "سيدر" سيوفر لهم فرص العمل ويبقون في بلدهم".