#الثائر
- * " فادي غانم "
يوم ثار اللبنانيون في مواجهة أزمة النفايات عقب إقفال الناس لمطمر الناعمة – عين درافيل، تحت شعار "طلعت ريحتكم"، بدت "ثورتهم" محكومة بجملة من الأخطاء والثغرات، أولها أن المنظمين والداعين للتحرك والنزول إلى الشارع، حاول كل منهم الاستئثار، وتفرقوا جماعات كل واحدة تطلق على نفسها اسما، وتحاول أن تتمايز عن غيرها، وضاع الناس بين "طلعت ريحتكم" و"بدنا نحاسب" وغيرهما من تجمعات أجهضت التحرك بالاعتبارات الخاصة، وقدمت خدمة مجانية للسلطة، فيما بعض أحزاب الطوائف زجوا بمندسين في الاعتصامات، والحكاية معروفة كيف انحرفت التحركات لاحقا عن مسارها المطلبي والإصلاحي، قبل أن تتلاشى.
في احتجاجات باريس المستمرة منذ السابع عشر من الشهر الماضي، لم يكن ثمة أحزاب تمثل طوائف، كان الوجع موحدا للفرنسيين المتضررين من السياسات الاقتصادية، وكانت السلطة أعجز من أن تفرقهم باللعب على وتر الإنتماءات القبلية، وظل التحرك تحت سقف وشعار "السترات الصفراء"، ولم تشهد باريس دخول جماعات تزايد وتجهض الاحتجاجات باستحضار تسميات مشابهة، فلم نسمع إلا بـ "السترات الصفراء" سقفا وشعارا، وانطلقت التحركات تحت عنوان تركز بشكل أساسي على رفض زيادة أسعار الوقود والضرائب المفروضة.
ولدت حركة الاحتجاج الفرنسية على مواقع التواصل الاجتماعي في بلدة صغيرة تسمى "سين ومارن" في ضواحي باريس، وأول دعوة للخروج في مظاهرات كانت يوم السبت 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وقدر عدد المحتجين في أول يوم حسب وسائل الإعلام بنحو 300 ألف متظاهر في مئات المواقع والمدن أهمها العاصمة الفرنسية باريس، وارتدى المتظاهرون سترات صفراء حيث يتوجب وبموجِب القانون الفرنسي على جميع سائقي السيارات حملُ سترات صفراء في السيارة وارتداؤُها في حالات الطوارئ.
وكانت أهداف المحتجين تتلخص بتجميد الضرائب التي يعتبرونها مضرة بالطبقة العاملة، وأكدوا ان خروجهم في مظاهرات هو تعبير عن استياء الضواحي الفرنسية من التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه.
لسنا في وارد تبني مقارنة بين باريس وبيروت، فهذا أمر يستحضر المقارنة بين نظام ديموقراطي هو الأعرق، أو من بين الأنظمة الأكثر عراقة في العالم، وبين نظام "ديموقراطية الطوائف" الحاضر في لبنان بكل مساوئه التي نعيش بعض تجلياتها اليوم مع ملف تشكيل الحكومة.
في لبنان نحتاج إلى "سترات صفراء" غير "مطيفة" تحمل وجعا واحدا وقضية واحدة، إلا أن ذلك لا يتخطى دائرة التمني، طالما أن نظامنا الطوائفي يمعن في اللعب على مشاعر اللبنانيين وتوظيفها لإشاعة الانقسام، فمتى نتعلم من أصحاب "السترات الصفراء" الفرنسية؟ أم سنظل محكومين بـ "سترات" الطوائف إلى ان ينهار لبنان – لا قدر الله!؟!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس " جمعية غدي "