#الثائر
قام الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بضم 15 موقعًا طبيعيًا جديدًا للقائمة الخضراء للمحميات ومناطق الحماية التابعة للاتحاد – التي تُعد أول معيار عالمي يعترف بأفضل الممارسات في المناطق المحمية. لقد شهد مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي المنعقد في جمهورية مصر حاليًا حصول العديد من المواقع في مصر وفرنسا والأردن وكينيا ولبنان والمكسيك وبيرو والإمارات العربية المتحدة على شهادة القائمة الخضراء، ليصل بذلك إجمالي عدد المواقع المدرجة على القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة إلى 40 موقعًا.
تعمل القائمة الخضراء للاتحاد منذ إطلاقها في عام 2014 على قياس مدى فعالية المناطق المحمية، وتمنح المكافآت لأفضل المواقع وتقدم الحوافز للمواقع الأخرى في جميع أنحاء العالم للمساعدة في تطوير إدارتها. كما تُمنح المواقع المدرجة على القائمة الخضراء شهادة تثبت أنها تُدار بشكل فعّال وعادل، وذات تأثير إيجابي على الناس والطبيعة.
صرّحت إنجر أندرسون، المدير العام للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة بأنه: "إذا كنا جادين بشأن الأهداف العالمية لعكس مسار فقدان التنوع البيولوجي، فإنه يتوجب علينا التأكد من تمكن المناطق المحمية حول العالم من تأدية المهام المنوطة بها – وهي توفير البيئة اللازمة للتنوع البيولوجي." وأضافت قائلة: "لقد حققت المواقع المدرجة على القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة معيار التميز، إلى جانب ما تقدمه من فوائد واضحة وقابلة للقياس للطبيعة والمجتمعات المحلية. وإننا في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة نهنئ جميع المواقع المدرجة حديثًا على القائمة الخضراء لكونهم مثالاً ملهمًا تحتذي به المناطق المحمية حول العالم أجمع".
وتساعد القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في قياس مدى التقدم في تحقيق الهدف الحادي عشر لآيتشي وتسريعه، وهو أحد أهداف الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي التي تسعى إلى تحقيقه بحلول عام 2020 من خلال حماية 17% من الأراضي و10% من المناطق البحرية، وحفظها وإدارتها بفعالية وعدالة. وعلى الرغم من ذلك، فبينما يمضي العالم قدمًا في طريقه نحو تحقيق جانب التغطية من الهدف الحادي عشر، إلا أن عنصر "الفعالية" لا يزال بعيد المنال.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ جمهورية مصر العربية - الدولة المستضيفة لمؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي – تضم اثنين من المواقع المدرجة حديثًا على القائمة، ومنها محمية رأس محمد، وهو موقع بحري يقع بالقرب من مدينة شرم الشيخ، حيث تغطي الشعاب المرجانية الحية 90% من بعض المناطق فيه - ويعود الفضل في ذلك إلى جهود حفظ الطبيعة وحمايتها بشكل فعال - مقارنةً بما يعادل 30-40% في المناطق التي لا تتوفر فيها الحماية للشعاب المرجانية في البحر الأحمر.
وفي هذا الصدد صرحت وزيرة البيئة المصرية ياسمين فؤاد: "تفخر مصر بتصنيف اثنين من مواقعها الطبيعية الخلابة ضمن أفضل المواقع الطبيعية إدارةً من حيث الفعالية والحوكمة حول العالم". كما أردفت قائلة: "تمثل القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة معيارًا عالميًا للممارسات المتعلقة بالمناطق المحمية. ومن هنا فإننا نحث جميع الحكومات على الانضمام لمصر في الالتزام بمعايير هذه القائمة".
لقد تمكنت المواقع المدرجة على القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة من إثبات تميزها بعد خضوعها إلى تقييم دقيق يتضمن 17 معيارًا للنجاح تدور حول أربعة جوانب: الحوكمة، والإدارة، والتصميم والتخطيط، ونتائج جهود الحفاظ على الطبيعة. فعلى سبيل المثال، تقدم محمية أرز الشوف في لبنان الحماية لشجر الأرز المهدد بالانقراض، الذي يعد الرمز الثقافي للبلد، وذلك بفضل المشروعات القائمة على صيانته وحفظه. حيث نجحت إدارة المحمية في التكيف مع تدفق اللاجئين من سوريا ومشاركة بعضهم في أعمال الحماية البيئية. كما تساهم المحمية في دفع عجلة الاقتصاد المحلي عن طريق توفير الموارد المستغلة في تصنيع المنتجات التقليدية والطعام العضوي.
وتمتلك فرنسا نصيب الأسد من حيث عدد المواقع المدرجة على القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، بدءًا من المناطق الصغيرة المجاورة للمدن وصولاً إلى المحميات البحرية. على سبيل المثال، تحقق إدارة المحمية الطبيعية بالأراضي الفرنسية الجنوبية بالقرب من أنتاركتيكا نجاحًا متواصلاً في السيطرة على إمكانية وصول البشر إلى هذه المحميات والسيطرة على النشاطات، على الرغم من مساحة الموقع الهائلة التي تصل إلى 2.2 مليون هكتار. حيث يتم رصد الأنشطة غير القانونية لصيد الأسماك والأنواع الغازية والحد منها. ومن هنا تأتي أهمية هذا الموقع للبحث العلمي بالإضافة إلى توفير الأسماك ذات الجدوى التجارية.
محمية أماركايري هي محمية طبيعية في بيرو انضمت حديثًا للقائمة الخضراء. وقد أدت الحوكمة العادلة فيها إلى تطوير الإدارة، حيث تعمل 10 مجموعات من السكان الأصليين الذين يعيشون بالقرب من المحمية بالحفاظ على أنظمتهم البيئية والمساعدة في تقييم الأنواع النادرة، بما فيها ضفدع أماركايري السام المهدد بالانقراض الذي تم اكتشافه في عام 2017. كما تدعم أنشطة السياحة البيئية والأنشطة المستدامة التي تم تنفيذها من خلال اتفاقيات تشاركية الاقتصاد المحلي حيث يمتاز موقع المحمية بتواجده في واحدة من أكثر المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي في منطقة الأمازون في بيرو.
ومنذ إطلاق القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، تضاعف عدد البلدان التي التزمت بمعاييرها 4 أضعاف، حيث ارتفع العدد من 8 دولة إلى 33 دولة، فضلًا عن تطوع حوالي 250 موقعًا إضافيًا للعمل على تحقيق هذه المعايير. إنّ عملية الاعتماد هي تطوعية بالكامل، وقد تستغرق مدة زمنية تتراوح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات، حيث يعمل خلالها الموقع الطبيعي على تحقيق أهداف واضحة. على سبيل المثال، انضمت محمية فان لونج الطبيعية في فيتنام إلى قائمة المرشحين في عام 2015، وساعدتها عملية الاعتماد على ضمان الالتزام بتوسيع نطاق المناطق المحمية ليشمل مقاطعتين متجاورتين.
وقد تعهدت بعض البلدان مثل أستراليا وساحل العاج وماليزيا ومدغشقر، بالإضافة إلى ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بترشيح المزيد من المواقع الطبيعية لإدراجها ضمن القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة في القريب العاجل. حيث قامت ولاية كاليفورنيا بإعطاء الأولوية لـ124 محمية بحرية، بينما تدرس أوروبا كيفية تنفيذ معايير القائمة الخضراء عبر شبكة المناطق المحمية الخاصة بها (Natura 2000)، وتعتزم الصين زيادة عدد المناطق المحمية المدرجة على القائمة الخضراء – الذي يبلغ ست مناطق محمية - من خلال ترشيحها المزيد من المواقع.
وفي هذا الصدد، يؤكد تريفور ساندويدث، مدير برنامج المناطق المحمية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، على أن "المواقع المرشحة يمكنها الاستفادة من النصائح المهمة التي يقدمها مجموعة واسعة من خبراء الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، مما سيساعدها في بناء مهارات مدراء عمليات الحفاظ على الطبيعة وتوجيه الاستثمارات نحو تحقيق تقدم فعلي، كما أضاف قائلًا : "إننا نتطلع للعمل مع المزيد من المواقع في المزيد من البلدان لتصبح القائمة الخضراء حركة عالمية حقيقية ترسي المعايير لتحقيق كامل إمكانات المحميات والمناطق المحمية في كل بقاع الأرض".
تعد القائمة الخضراء للمحميات والمناطق المحمية والتابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة مبادرة مشتركة بقيادة برنامج المناطق المحمية العالمية واللجنة العالمية للمناطق المحمية التابعين للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. وتتلقى هذه المبادرة الدعم من الوزارة الاتحادية للبيئة وحفظ الطبيعة والسلامة النووية في ألمانيا، في إطار المبادرة الدولية للمناخ عبر مشروع "الحلول الخاصة بالمناطق المحمية".