#الثائر
- * " فادي غانم "
أكثر من يثير فينا التساؤل والاستغراب، ساعة يشكو مواطن لمسؤول ما يواجه من صلف الحياة ومن معاناة دائمة مع تفاقم أزماتنا الراهنة، فيبادر هو إلى الشكوى، "مقوطبا" بلباقة وقاطعا الطريق عليه ليضعه في صورة المعاناة، فيتأكد أن المسؤول يعاني مثله وأكثر، وبدل أن يشكو يكون هو قد سبقه إلى البكاء!
هذا المشهد يمكن متابعته في نهاية كل أسبوع مع عطلة "الويك إند"، عندما تُفتح دور المسؤولين أمام عامة الناس، خصوصا وأن ما هو متوارث ومتعارف عليه في تقليد سياسي لبناني عريق، أن النائب والمسؤول بوجه عام يتحول "معقب معاملات" في الدوائر الرسمية، ولو من خلال الأتباع والمريدين، وإن كان ثمة نواب يؤثرون هم ملاحقة معاملات المواطنين، خصوصا مع اقتراب موسم الانتخابات النيابية.
هذا المشهد إن دل على شيء فعلى انعدام الثقة بين المواطن والدولة، وهذا ليس موضوعنا الآن، فما يؤرقنا في هذه اللحظة "هموم" المسؤولين، وإعلان تضامننا معهم، خصوصا عندما يشكون ويتبرمون ويتذمرون من الأوضاع العامة في البلد، وكيف وصل الحال إلى ما هو عليه، نافضين أيديهم من أي مسؤولية، وكأن ما يشهده لبنان من كوارث اقتصادية واجتماعية وعطلات سياسية مفتوحة، هو نتاج مؤامرة كونية خطيرة تستهدف وجودنا، مؤامرة تحيكها الإمبريالية والصهيونية العالمية ضد لبنان.
إن دنا منهم مواطن طلبا لمساعدة، يتذرعون بضيق ذات اليد، وأن الأمور صعبة والأشغال متوقفة والمؤسسات تقفل أبوابها وتسرح عمالها وموظفيها، أما من أوصل لبنان إلى ما هو عليه الآن، فلا أحد يعلم، وكأن ثمة أشباحا تتقصد هدم الاقتصاد ودفع من بقي من اللبنانيين إلى الهجرة والمنافي البعيدة.
وما نواجه من تلوث، وآخره ما أكدته منظمة السلام الأخضر "غرينبيس" عند ساحل جونيه وفي مختلف المناطق اللبنانية، فهو مؤامرة كونية، وأزمة النفايات والمكبات العشوائية مؤامرة، والمياه والكهرباء وتردي الخدمات، أيضا مؤامرة، والمسؤولون في غربة، يشكون بدلا من أن يعترفوا بمسؤولية وتقصير، ولا يريدون المعالجة، فالشكوى لا تنقذ دولا ولا تبني أوطانا، والاعتراف بالمسؤولية بداية الحل، أي ساعة يقر المسؤول بتقصيره، عندئذ يمكن أن نتوسم خيرا بحاضر ومستقبل.
ما يثير السخرية، أن ثمة من يريد أن يقنع اللبنانيين بأنه يعاني وهو المسؤول عن المعاناة، وأنه يواجه الفقر وهو من أفقر، أو ساهم في إفقار اللبنانيين، وهو من استباح صحتهم وكرامتهم ومصدر رزقهم، وهنا نسأل: إذا كان المسؤولون يواجهون فعلا فلماذا لا يستقيلون؟ وهكذا هم يرتاحون ونحن نرتاح!
لا نجمل الجميع، ولا نتقصد الجميع، لكن الغالبية من المسؤولين اللبنانيين يداهنون ويمالقون، حتى أن ثمة بينهم من يثير الشفقة إلى درجة أننا نفكر أحيانا في التبرع لهم مما بقي في جيوبنا، هذا إن كان ثمة ما أبقوه في هذه الجيوب.
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس " جمعية غدي "