#الثائر
في لبنان يظل المسؤول عن فضيحة وكارثة مغيبا، وإن كان معروفا وواضحا كعين الشمس، وأيضا من هم وراءه معروفون أيضا، ودائما على قاعدة أن لا فساد دون راعٍ رسمي ومن أعلى المواقع، وأقصى ما نتوقعه حيال انفجار المجارير في الرملة البيضاء – بيروت، أي في عاصمة لبنان وواجهته السياحية والإدارية بكل ما تحفل به من رمزية وطنية، أن يصار إلى "ضبضبة" الفضيحة "السوداء"، علما أنه كان يفترض أن يستقيل على الأقل ثلاثة وزراء وأن يُقالَ أربعة أو خمسة موظفين من الدرجة الأولى وما يوازيهم من الدرجة الثانية.
السجون في لبنان مخصصة فقط لتجار المخدرات ومسهلي الدعارة وحرامية صغارا يسرقون سيارة أو ينشلون محفظة، أما من يصادرون وطنا بممارسات فضائحية فهم طلقاء ينعمون بهواء حرية، نقيا عليلا وإن اعتل وطن استبيحت كرامة أبنائه، وحاصرهم المرض من السرطان إلى الأمراض السارية والمنتقلة والمستوطنة، خصوصا وأن التلوث بالمجارير قد يقضي على مواطن بـ "عطسة" أو بمصافحة لم يراع فيها المتصافحون أصول النظافة وغسل اليدين بالصابون والمطهرات لمدة دقيقتين وفق ما حددت "منظمة الصحة العالمية" في احتفالية "اليوم العالمي لغسل اليدين"!
السجون في لبنان لا تستوعب المرتشين والفاسدين، ولم نسمع أن مسؤولا رفعت حصانته النيابية، واقتيد مكبلا إلى القضاء ومن خلفه ومعه وأمامه، أما قانون محاسبة الوزراء والنواب فلم يجر تفعيله وما زال معطلا إلى أن يموت المواطنون راضين مرضيين في سبيل مسؤول يملك قصورا يتطلب بنائها ما يتقاضاه كراتب على مدى 250 سنة!
كان يمكن أن نتغاضى عن مسؤول فاسد ومفسد، لو أنه لم يجاهر بالعفة والعفاف ونظافة الكف وأنه "أبو الشفافية وأمها"، وأقصى المطلوب قرار، فالفاسدون معروفون في كل الطوائف، والصمت جريمة تفوق كارثة المجارير الطافحة، وقد طفح كيل الانتظار لينعم المواطن بحد أدنى من الأمان الصحي، والمشكلة لم تعد مشكلة مجرور "فلت"، وإنما ما يصح في حالنا اليوم وما يستحضر الخوف أن يكون "فلت الملق"، ما يعني أن كل مجارير الفساد ستفيض دفعة واحدة وتنغص عيش اللبناني.
الخوف، كل الخوف، أن تطوى القضية وتسجل ضد مجهول، لتعود الأمور بعد فضيحة الرملة البيضاء إلى "مجاريرها"!