#الثائر
– أنور عقل ضو
"مهضومون" نحن في لبنان نختار مفرداتنا اليومية من صميم أزماتنا، ومثال بسيط على ما نقول، ما نطالعه في وسائل الإعلام، وما هو على صلة بتشكيل الحكومة، كأن تبدأ نشرة الأخبار بـ "أقفل الأسبوع الحكومي على ..."، أو من "المتوقع أن يفتتح الأسبوع الحكومي على..."، ومثل آخر أكثر صراحة ما يتردد حول بورصة المواقف الحكومية، ومنذ ثمانية أشهر انصرمت ونحن نشعر وكأننا في "وول ستريت" في نيويورك، أو نقيس تقدمنا أو تراجعنا في موضوع التأليف على مقياس "نايكي" الياباني" أو "داو جونز" الأميركي.
ومن يتابع مثل هذه المفردات والعبارات من غير اللبنانيين، يظن أن الدولة اللبنانية طرحت الحكومة في سوق البورصة، وأطلقت حملة "تسهيم" واسعة غير مسبوقة، على غرار ما شهدناه في "سوليدير" يوم صودرت أملاك وحقوق الفقراء من قبل غيلان المال والسلطة المقيمة والوافدة، ولكن "بورصة الحكومة" مستمرة دون رأس مال مادي أو معنوي، ذلك أنه فضلا عن الإفلاس المادي كخطر داهم يؤرق اللبنانيين، ثمة إفلاس لا يقل خطورة يظل متمثلا في الإفلاس السياسي بشهادة أهل البيت، ولا نأتي بشيء من عندياتنا، خصوصا وأننا بعيدون عن سوق التوزير لا نملك شروى نقير (النقير مجرد ثقب).
وسط كل ذلك، لا نعلم كيف سيفتتح الأسبوع الطالع في سوق بورصة المواقف، وما إذا كان " اللقاء التشاوري " على سبيل المثال في صلب المضاربة المشروعة وغير المشروعة، أم أن الأمر سيتطور إلى تضارب بين أعضائه، ما يقتضي تدخلا طارئا من بعض الكتل المضاربة في سوق التسميات، وقد نشهد إقفالا للبورصة الحكومية لساعات قليلة بعد أن يتدخل زعيم مشهود بمواقفه شاريا أو بائعا، خصوصا وأنه في المشهد المتخيل، قد يدخل على خط التهدئة زعيم كتلة نيابية ليقول للنائب المعارض حتى العظم والنخاع الشوكي "بيعنا ياها هالمرة وحقك محفوظ بالحكومة اللي بعدا، ونحنا مشترينك مش بايعينك" فتهدأ الخواطر "وبيمشي الحال"، وعلى الله الاتكال.
"مهضومون" أهل السياسة ونحن كلنا سماجة وسُذج، ننكد على المسؤولين حياتهم وننغص عيشهم، لا نقيم اعتبارا لما يبذلون من تعب وكد، وحيال ما نحن عليه، صدق الفنان زياد الرحباني يوم توصل على لسان إحدى شخصيات مسرحياته إلى أن "الشعب عم يستغل الزعما والزعما معترين"!