برّي يشترط التوافق المُسبق على مبادرته والأزمة مسلسل مكسيكي طويل! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#المغرّد
كتبت صحيفة " الجمهورية " تقول : فيما يتواصل انهيار البلاد فصولاً على كل المستويات، تمعن المنظومة السياسية في خلافاتها العقيمة التي تعوق تأليف الحكومة الجديدة المعوّل عليها ان تلجم هذا الانهيار وتشرع في ورشة اصلاحية، فلا اتصالات بين المعنيين بالتأليف الحكومي منذ ما سمّي "لقاء الاثنين الاسود" بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ولا الحراك الاقليمي والدولي أحدثَ بعد ثغرة في الجدار المسدود، فيما تجدد التعويل على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي يبدو ان صاحبها لن يشرع فيها عملياً الّا بعد تأمين التوافق المسبق عليها لضمان نجاحها حتى لا تلقى مصير سابقاتها.
وصف مسؤول كبير الوضع في لبنان كالآتي: "الناظر إلى الحركة السياسية على سطح الأرض اللبنانية يظنّ لوهلة أولى أنها اعتيادية في بلد طبيعي، لقاءات ومواقف وتصريحات وبيانات وسجالات واجتماعات، ولكن باطن هذه الأرض يهتزّ بفعل أزمات وجودية ومصيرية أشبه بالزلازل الكبرى، وفي حال لم تعالج هذه الأزمات سريعاً فإنّ هذه الأرض معرضة للسقوط على رؤوس من فيها". ورأى هذا المسؤول "ان المسؤولين "مركبين خلَيفاني" ويقودون البلد إلى المهوار، وبدلاً من ان يكون السعي إلى تأليف الحكومة يشكل الهدف والشغل الشاغل، تحول الاشتباك اليومي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف القاعدة في ظل هوة عميقة تفصل بينهما، وغياب أي نيات جديّة للتسوية والتراجع إلى حدود الالتقاء ضمن مساحة مشتركة، فلا هذا الرئيس في وارد التراجع، ولا ذاك في وارد التساهل، وكأننا أمام مسلسل "مكسيكي" طويل". واضاف: "بالتوازي مع الاشتباك الرئاسي نتوقف أمام ثلاثة مكونات تظهر بدورها عاجزة عن فعل اي شيء حتى اللحظة:
ـ المكون الأول هو القوى السياسية التي تقف على مسافة واحدة من الرئيسين، والتي تجد نفسها عاجزة عن فعل اي شيء بعدما اصطدمت كل وساطاتها ومساعيها بالجدار الحكومي المقفل. ـ المكون الثاني يتعلق بالشعب الذي أطفأ محركات ثورته على أثر الوباء الكوراني واستفحال الغلاء، فانتقل من موقع الفعل والمؤثِّر في مجرى الأحداث، إلى المراقب والمتفرِّج على الانهيار الذي جعله في موقع المحبط والمنكفئ واليائس. ـ المكون الثالث هو كناية عن المجتمع الدولي الذي تحرّك في الداخل والخارج، من حركة سفراء لا تهدأ وتعكس اهتمام عواصم القرار بمصير البلد أكثر من المسؤولين القابعين على كراسيهم في السلطة، ولكن هذه الحركة لم تتمكن حتى الآن من كسر حلقة الفراغ، إلى تحذيرات دولية متواصلة من مغبة عدم تأليف حكومة، وصولاً إلى التلويح بعقوبات على المسؤولين اللبنانيين، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وتابع المسؤول نفسه: "في موازاة هذه المكونات تقف حكومة تصريف الأعمال حائرة في أمرها، وبدلاً من ان تصرِّف الأعمال في حدود ما يتيح لها الدستور الذي لا يسمح بانهيار البلد ولا ان يجوع شعبه، استقالت من مسؤولياتها الوطنية التي يلزمها الدستور بممارستها متابعة لشؤون الناس وأوضاع البلاد، لأن الدساتير وضعت لمصلحة الناس وخدمتها لا العكس". وختم: "الصورة قاتمة والأفق السياسي مقفل تماماً والانهيار يتواصل وقدرة الناس على التحمُّل تتضاءل، والمخاطر على البلد تتعاظم في حال استمر الدوران في حلقة الفراغ نفسها". حراك محوره بري ولكن اللافت في الحراك السياسي أمس ما شهدته عين التينة من استقبالات، إن كان اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد العائد أخيراً من موسكو، او استقبال بري للوزير السابق سجعان قزي ومدير مكتب الاعلام في الصرح البطريركي في بكركي المحامي وليد غياض، ما يؤشّر إلى انّ مبادرة رئيس المجلس ما زالت تنبض بالحياة، وانّ هناك محاولة جدية لإيصالها إلى شاطئ الأمان في اعتبارها فرصة الأمل الأخيرة مبدئياً، ولكن بالاتكاء على مصير المبادرات التي سبقتها يتلاشى هذا الأمل في ظل المخاوف من ان تلقى المصير نفسه وكأن هناك فعلاً من يريد ان ينزلق لبنان إلى المجهول. بين بري وبكركي وقالت مصادر مطلعة لـ"الجمهورية" انّ عين التينة شهدت أمس عملية تقويم موسّعة ومفصّلة للتحضيرات الجارية لمبادرة بري وما أنجزه البطريرك الراعي من اتصالات على اكثر من مستوى، وهي حضرت في اللقاء الذي جمع بري مع قزي وغياض موفدين من الراعي . وفي معلومات "الجمهورية" انّ بري كان خلال اللقاء متحدثا اكثر منه مستمعاً، بعدما أطلعه الوفد على نتائج الاتصالات التي اجراها البطريرك على اكثر من مستوى محلي واقليمي واممي وما ينوي القيام به في المرحلة المقبلة بغية اخراج الازمة من عنق الزجاجة.
ونقل الوفد البطريركي الى بري حرص الراعي على "ضرورة الوصول الى حكومة ترضي الرأي العام اللبناني والمجتمعين العربي والدولي" من اجل الخروج من "الازمة الحكومية المستعصية حتى الآن"، مؤكداً انّ "تكافل الجهود بين جميع مرجعيات الخير والمرجعيات الوطنية في هذا البلد يمكن ان تؤدي الى الخروج من هذا المأزق". ونقل الوفد عن الراعي تأكيده أنه إذا صفت النيات، يمكن ان تؤدي اي جلسة وجدانية بين رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف الى "تأليف حكومة طال انتظارها". وقالت مصادر المعلومات انّ بري اطلع الوفد على عناوين مبادرته التي تتحدث عن حكومة من 24 وزيرا على قاعدة "8× 8× 8" ومن الاختصاصيين غير الحزبيين، وفق ما قالت به المبادرة الفرنسية التي التزم بها الافرقاء السياسيون اللبنانيون على طاولة قصر الصنوبر منذ 2 ايلول الماضي ولا يتمثّل فيها حزبيون من اي جهة كانت، وهي حكومة تلتزم ببرامج الاصلاحات المعلن عنها كاملة وفي مختلف المجالات لتستعيد ثقة الداخل والخارج والانطلاق في طريق التعافي والانقاذ. بري والحريري و"الحزب" وفي معلومات "الجمهورية" ان بري أوفدَ ليل امس الى "بيت الوسط" من ينقل بنود مبادرته الى الرئيس المكلف سعد الحريري تزامناً مع مسعى يهدف الى حمل رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى زيارة عين التينة او ان يزوره موفد لبري. والغاية من هذه الحركة هي تأمين توافق مسبق على عناوين المبادرة ليتولى صاحبها السير بها متعهداً ببذل المساعي لجمع بقية الأفرقاء حولها قبل الإعلان عنها وتبنّيها. وأبلغ بري الى الذين التقاهم أمس مضمون الإتصال الذي تلقاه من وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، وتخلله تبادل مجموعة من الأفكار التي يمكن ان تؤدي الى اخراج الازمة من مطبّاتها وما هو منتظر والمواقف الدولية الداعمة لها. كما بالنسبة الى ما تقوم به فرنسا في اتجاه العواصم المؤثرة في مجرى الحياة السياسية اللبنانية وتعقيداتها. بعبدا تنتظر بري وفي غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا انّ رئيس الجمهورية ميشال عون لم يتسلّم بعد اي مبادرة من بري، وقال زوّاره لـ"الجمهورية" انه تتبّع امس مختلف التطورات في ضوء اتصالات وزير الخارجية الفرنسي به وببري والحريري وعدد مع القيادات اللبنانية وحصيلة اللقاء الاروبي ـ الاميركي الذي انتهى الى اتصال رأس الديبلوماسية الفرنسية ببيروت، ناقلاً أجواءه وما تخلله من بحث في اوضاع لبنان.
|
|
|
|
|
|
|
|
|