إيران خارج التاريخ! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
بعض الأنظمة هي اليوم خارج التاريخ وإن امتلكت بعض مقومات استمرارها، أو ما يبقيها على "قيد الحياة" ولو إلى حين، ففي مسار تطور المجتمعات الإنسانية لن تكون ثمة دولة في العالم قائمة بعيدا من تبني شرعة حقوق الإنسان، وما تمثل من قيم إنسانية أقرتها الأمم المتحدة في العام 1948 بعد حربين عالميتين دمرتا أوروبا وأجزاء واسعة من العالم، وأزهقتا مئات الملايين من الأرواح، وبالتجربة سقطت الأنظمة التوتاليتارية، والإتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية نموذجا، ولم يشفع لهذه الدول امتلاكها أعظم ترسانة عسكرية، فأي دولة يضيق أفقها عن التعايش مع أفكار معارضة مآلها الزوال ولو بعد حين.
لا دولة يمكن أن تتطور بعيدا من ديموقراطية توفر حدا أدنى من قيم إنسانية، أما تلك التي تؤثر الشخصانية وعبادة الفرد تصارع وتتحدى منطق التاريخ، والأمر لا يتعلق بالأنظمة الشمولية فحسب، وإنما الدولة الثيوقراطية (الدينية) أيضا، أي تلك التي يمثل الحاكم فيها ظل الله على الأرض، وهنا ليس المقصود الجمهورية الإسلامية الإيرانية دون غيرها، فثمة أنظمة ملكية تصادر حرية الرأي وتطبق فيها "الأحكام الإلهية"، ولا تقر بحق مواطنيها في التعبير عن آرائهم، ولا تقيم اعتبارا للحياة الديموقراطية، والحكم فيها ديكتاتوري لا نتاج آلية ديموقراطية ولو في حدود الشكل.
من مجمل هذه المعطيات يمكن أن نفهم ما يجري في إيران اليوم، فالاحتجاجات المندلعة منذ السبت الماضي في مناطق عدة من بينها العاصمة طهران، لا يمكن حصر أسبابها برفع أسعار البنزين فحسب، فثمة تراكمات غالبا ما تبقي عوامل التفجر قائمة، فيما السلطة تناقض ما تروج له من أن المتظاهرين هم "أعداء الثورة"، وتلجأ في الوقت عينه لقطع الإنترنت ووقف خدمات مواقع التواصل، ما يسقط ادعاءها بأن ثمة خارجين على القانون، فضلا عن أن الاحتجاجات انطلقت دون خوف من سلطة قمعية، فسقط عدد من القتلى والجرحى بنيران رجال الأمن.
لن تتوقف ثورة الشعب الإيراني في مواجهة سلطة تمارس أقصى وأقسى صنوف القهر، وإن لم تنجح اليوم أو غدا، لكن ثمة مسارا مستمرا، والاحتجاجات ستتجدد ما إن تتوفر لها الظروف، خصوصا وأن النظام يملك آلة قمعية تضمن له البقاء لكن لن تحول في نهاية المطاف دون سقوطه، وبحسب وكالة "مهر" الإيرانية شبه الرسمية فقد تم اعتقال أكثر من ألف متظاهر، إلا أن ذلك لا يغير من حقيقة أن إيران ولجت مرحلة لا عودة فيها إلى الوراء، فالنظام القائم لم يعد قابلا للحياة وإن امتلك كل أسباب القوة والبطش.
ما تشهده إيران اليوم يأتي تتويجا لفشل النظام في محاربة الفساد في الداخل وإنهاء البيروقراطية والروتين والفساد المالي والإداري رغم محاولاته وجهوده التي يبذلها في هذا المجال، والاحتجاجات التي تجتاح إيران اتسعت لتشمل أكثر من 100 مدينة، وما يمكن تأكيده اليوم أن إيران خارج التاريخ، وإن امتلكت من الخبرة في محاكاة العقوبات الأميركية ما يؤجل سقوطها إلى حين!
|
|
|
|
|
|
|
|
|