من يريد إسقاط الثورة؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- اكرم كمال سريوي
لطالما بدأ اللبنانيون ثوراتهم ضد ظلم السلطة، بتحالف وطني جامع. فثورة طانيوس شاهين، المعروفة بثورة الفلاحين ضد الإقطاع، كانت وطنية عابرة للطوائف، لكن سرعان ما تحولت الى مجازر طائفية أسقطت الثورة . وعندما انطلقت التظاهرات عام ١٩٥٨، ايضاً كانت وطنية ثم حُوّلت الى طائفية، وفي عام ١٩٧٥ رفع اللبنانيون الإنجيل والقرأن معاً، ورددوا شعاراً شهيراً «مسلم مسيحي درزي بدنا نحافظ عالأرزة» وبعد أسابيع قليلة، وبفضل السلاح المنتشر آنذاك، أصبحت الثورة حرباً طائفية .
هذا التحالف الخفي، بين زعماء الطائفية، المتمسكين بامتيازاتهم ونظامهم الطائفي القائم في لبنان، وبين اندفاعة وحماسة بعض من يدخل على خط الثورة ويركب الحافلة، ويقفز فوق الواقع والعقلانية، الى التهور وامتشاق السلاح واستخدام العنف، لتحقيق الأهداف بسرعة، كانا كفيلان بإسقاط الثورات والمطالب الإصلاحية في لبنان، ويتربصان دائماً بهذه الثورة، وبأية ثورة قادمة .
تحاول بعض القوى إلصاق تهمة التآمر بالثورة الحالية، وتسعى الى اعادة الانقسام العامودي الذي كان سائداً، متجاهلين ارتكابات الحكومة، والأسباب الحقيقية لانتفاضة الشعب، التي جعلت قسماً كبيراً من جمهوري قوى ٨ و ١٤ آذار، ينزل الى الساحات متحداً، رافعاً الصوت في وجه سياسة فرض الضرائب التي انتهجتها الحكومة، وفساد قسم كبير من المسؤولين، و ممارسات بعض أقطابها. وبالرغم من ان الحزب التقدمي الاشتراكي، كان اول من نزل الى الشارع، مطالباً بالإصلاح، لكنه إنكفأ لاحقاً، ولم يشارك الثوار بشكل رسمي، كما فعل حزبا الكتائب والقوات اللبنانية، ورغم مطالبة الحزبيين لوليد جنبلاط بالمشاركة، لكنه فضّل الابتعاد، لعدة أسباب ستظهر لاحقاً، اضافة الى اعتراض قسم كبير من الثوار، على تبني الثورة من قِبل اي حزب كان .
تتوالى الاتهامات للثوار، بانهم من قوى معينة، بحجة ان بعضهم محازباً او مناصراً لهذا الحزب او ذاك، او لهم علاقات بالخارج ، وما الى هنالك من أوصاف، كقطاع الطرق، وميليشيات، وغير ذلك، ولا شك ان عدد من المشاركين في الحراك وبعض من حاول اقامة الجدار لقطع الطريق عند نهر الكلب قد اساء الى صورة الثورة. وحاول البعض استغلال هذا الخطأ، وعملية فتح الطريق لوليد جنبلاط، من قبل بعض المتظاهرين، عندما كان يقود سيارته بنفسه وبرفقة نجله تيمور، بين الناس الغاضبين، دون مواكب حماية مطنطنة رنانة، ليقف بين أهل الشويفات ويقول، نريد الدولة وفقط الدولة، قاطعاً الطريق على المتربصين بالبنان، والساعين لإشعال نار الفتنة الطائفية، ولم تنجح محاولاتهم حتى الآن، لأن وسائل التواصل تلعب دوراً نشطاً في كشف حقيقة الحراك ، العابر للطوائف والمناطق .
الدم والسلاح، هما الخطوة الاخيرة للقضاء على وحدة الثورة، ورغم الاعتداءات العلنية على المتظاهرين، من قبل عناصر معروفة الانتماء، ثابر الثوار وأصرّوا على سلمية التحركات، وعدم انضوائهم تحت راية اي حزب، بل يرفعون العلم اللبناني فقط، ومطلب أساسي، هو إسقاط منظومة الفساد والفاسدين، اياً كان انتماؤهم .
سينجح الثوار بصدور عارية وأيادي مسالمة، في تحقيق الأهداف الوطنية، وسينضم كل اللبنانيين الى دعم الثورة ، بمختلف انتماءاتهم الحزبية والطائفية، اذا تمكن الثوار من الحفاظ عل سلمية التحركات، ونجحوا في تجنب الأخطاء والتصرفات، التي تضع المواطنين في مواجهة بعضهم البعض، او تضعهم في مواجهة القوى الأمنية، كقطع الطرق او اللجوء الى العنف والسلاح، لأن المطالب هي لكل الشعب وليست لفئة او طائفة، ولا تهدف لإلغاء حزب او مذهب، والحرية والديمقراطية أساس الثورة، ولا يتنكّر الثوار الحقيقييون لتضحيات من سبقهم على درب بناء الوطن .
هناك قناعة لدى معظم المسؤولين، بأحقية المطالب الشعبية، وضرورة الاصلاح، وهذا انتصارٌ حقيقي. ولكن بعظهم يخشى التغيير، وتساوره الشكوك، وهنا مكمن الخطر، فإذا لم تسارع قوى السلطة، الى تشكيل حكومة يثق بها الشعب، وقادرة على الاصلاح، ومع وجود تحالف غير مباشر للفاسدين في هذه الدولة وقوى الرجعية، مع الحماس المفرط لبعض الثوار الغوغائيين، او بالأصح الداخلين على خط الثورة، قد نذهب الى المجهول، ويسقط الوطن في آتون الحرب القاتل .
|
|
|
|
|
|
|
|
|