لبنان... والإنهيار الكبير! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
مشكلة أركان وأقطاب السلطة وسائر أزلامها واضحة، فهي وضعت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما، أولا، عدم مكافحة الفساد تُبقي الساحات مشتعلة والمواطنين معتصمين "يطرطقون على الطناجر" إلى أن تتحقق مطالبهم ولن ييأسوا، وثانيا، مكافحة الفساد تفضي لزاما إلى محاسبتهم وسوقهم إلى السجون لما جنوا وكدسوا من ثروات تفيض وسط شعب يعاني، وإلا كيف لعاقل أن يفسر تخبط القضاء الناجم عن تدخلات وتداخلات وقليل من "موْنة"، ما يحول دون رفع يد السياسيين عنه، والمضي في ملف فساد واحد حتى النهاية، بعيدا من استعراضات "تنفيسية" لم تنطلِ على الناس، فازدادوا إصرارا على المواجهة.
ما يسترعي الإنتباه أن الثورة المستمرة استمدت مشروعيتها حين توحد اللبنانيون بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم في مواجهة الظلم والإستبداد، فالوجع واحد والهموم والأعباء واحدة، وقد وصل اللبنانيون في معظمهم إلى قناعة أن "عدوهم" واحد أيضا، ممثلا بسلطة دينها وديدنها الفساد، ويخطىء من يظن أن لبنان أمام أزمة تكليف وتأليف ومشاروات نيابية ملزمة لحكومة مؤجلة، هو أمام أزمة سلطة تكافح لتبقى ولو على دماء اللبنانيين، وهي راهنت منذ الأيام الأولى على تفتح أزهار الثورة على انشقاق الناس وعودتهم إلى بيوت طاعة زعماء طوائفهم، فكان للجيش اللبناني موقف صارم وواضح، وأكد في غمرة الصخب أنه صمام أمان لبنان الوحيد الباقي.
يبدو مما تقدم أن السلطة ماضية في لعب ورقتها الأخيرة، أي المراهنة بمصير البلد، في ظل ظروف بالغة الخطورة ليس من السهل الخروج منها، سواء تم تكليف الرئيس سعد الحريري بالتأليف اليوم أو غداً، أو تأخر بت الوضع لساعات أو أيام، خصوصا وأن الأزمة النقدية والاقتصادية تتفاقم حد الإنهيار، وتاليا حجم الضغوطات الإقليمية والدولية على لبنان يزداد، مع تقدّم خيارات المواجهة بأسلحة المال والنقد والعقوبات، ما يُبقي البلاد رهينة سلطة لا ترى إلا الحفاظ على ما تظنه "مكتسبات" وفرت لها الثروة من خاصرة الفساد وإهدار المال العام.
ما يبعث على التشاؤم، وبقوة، يبدو اليوم واضحا أكثر، ذلك أن هامش المناورة يضيق على السلطة، قبل الإنهيار الكبير (لا قدر الله)، فالبنك الدولي حذر من خطورة الأوضاع من جهة، وحث من جهة ثانية على تأليف الحكومة خلال أسبوع، في وقت كثرت فيه الهواجس من عودة لبنان مرة جديدة ساحة لتجاذبات إقليمية والدولية، أما الثورة فواضحة أهدافها، إلا أن ثمة من لا يريد إلى الآن أن يقتنع بأن الناس قادرون على فرض معادلاتهم هذه المرة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|