عندما تكثر الألقاب يكثر التخلف! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
تأخر كثيرا قرار مجلس الوزراء الصادر أمس القاضي بعدم استعمال الألقاب في التخاطب واعتماد كلمة "السيدة" او "السيد" في جميع المراسلات الإدارية، ولكن أن يأتي متأخرا أفضل بكثير من ألا يأتي أبدا، أخذا في الاعتبار أن الألقاب تمثل بعض إرث حقبات الذل التي عاشها اللبنانيون، فمن كان طيِّعا وخادما للمحتل كان "الباب العالي" يُغدق عليه الألقاب، مثل "خواجة"، "بك"، "هانم" و"أفندي" وغيرها، وثمة ألقاب أغلى ثمنا، أي تلك التي كانت تُشترى من قبل المقاطعجية اللبنانيين بأموال منهوبة من المواطنين على شكل ضرائب وإتاوات و"خويات"، ومنها "باشا" و"آغا" و"أمير" و"شيخ" (رتبة مدنية)، وفي المحصلة كان الجميع يتساوون في لقب واحد بعيدا من ألقابهم الطنانة وهو "الخزمتشي"، أي الخادم.
تجدر الإشارة إلى أن قرارا سابقا صدر قبل نحو ثلاثين سنة قضى بمنع الألقاب إلا أن أحدا لم يلتزم به، والمشكلة أننا حتى الآن لا نزال نقدم أسماء من ينتمون للإقطاع أو بقاياه مشفوعة باللقب، ومثل هذا الأمر غير منفصل عن الحالة الغنمية السائدة، وسُجل في تاريخ لبنان استثناء وحيد مع الراحل كمال جنبلاط بعد تأسيس "الحزب التقدمي الإشتراكي"، ويروى المستشرق إيغور تيموفييف في كتابه "كمال جنبلاط الرجل والأسطورة"، كيف أن مواطنا دخل إلى قصر المختارة فالتقى "الست" نظيرة جنبلاط" فسألها هل "الرفيق كمال" موجود؟ فصدمت ولم تتقبل فكرة أن يكون ابنها زعيم المختارة "رفيقا"!
عندما تكثر الألقاب يكثر التخلف، وللأسف ما يزال التخلف ماثلا بيننا كلبنانيين إلى اليوم، فأتباع الزعيم يصرون على استخدام ألقاب ارتبطت بحقبات الجهل والاستغلال حتى ولو نادوا بالحداثة والتطور، ومن لا يرفع اسمه مجردا من أي تقديم لا ترفعه كل ألقاب الأرض، وثمة من حملوا هذه الألقاب تاريخيا ومارسوا الموبقات في الكرخانات وصالات القمار وبددوا ثروات مسلوبة من الفقراء أو رهنوا وفقدوا أراض وعقارات.
وطالما يصر شعبنا على استخدام الألقاب فلا أمل يرتجى في أن نحدث نقلة نوعية باتجاه دولة مدنية عادلة، فيما لم نرتق بعد إلى مرحلة نرى فيها المسؤول خادما للناس لا متسيدا عليهم، وقمة الإذلال ألا تكون هناك مساواة بين اللبنانيين، فدائما هناك أبناء ست وأبناء جارية، والمؤسف أن مشاريع الزعامة بالإرث مستمرة، فثمة "زعيم" قبل أن يولد، لمجرد أن تجري أمه الحامل به صورة صوتية فتتأكد أن المولود ذكر حتى يطمئن الشعب إلى أنه ليس متروكا لقدره.
هذا الموضوع أبعد من قرار على أهميته، هو بعض ثقافة ولكنها لا تزال إلى الآن غائبة، لعل وعسى نصبح مواطنين في دولة لا تقيم اعتبارا إلا للإنسان بعيدا من إرث النظام المقاطعجي المستمر بأشكال وصيغ مختلفة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|