البيئة أخلاق... وفرز النفايات ثقافة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- * " فادي غانم "
عندما تتحول البيئة منصة للتكسب و"تكديس" المواقف وتوظيف أمل الناس في بورصة العلاقات المحلية والدولية، نقول دون وخز ضمير ولا استشعار حرج "على البيئة السلام"، وعندما تغدو الشعارات جوفاء لا قيمة لها فنحن نقلد أهل السياسة في بلد موبوء تمتص دمه جرثومة الفساد (باعتراف أهل السياسة أنفسهم)، ومن يظن أن البيئة تعني رفع النفايات ومكافحة التلوث وزيادة المساحات الخضراء فحسب، فهو بالتأكيد لا يفقه في البيئة شيئا، إلا السطحي من مواقف والطالح من أفكار، فالبيئة أولا وآخرا فلسفة حياة محصنة دائما بالقيم والمناقب.
ثلاث سنوات انصرمت وقبلها أيضا، وثمة بيئيون ينادون بفرز النفايات من المصدر، رائع، لكن دون آلية واحدة لتكريس هذه الثقافة، في مَا عدا التنظير والتصوير والتقاط وعرض صور وتعميم خبر، والنتيجة أن جُلّ مشاريع الفرز انتهت إلى طريق مسدود، ورغم ذلك لم يقم أحد بمراجعة نقدية لتخطي العثرات واستخلاص الدروس والعبر، إن كان لجهة تراجع حماسة المواطنين في منتصف الطريق، وإن لجهة غياب الثقافة من المدرسة والبيت وأماكن العمل، فضلا عن السبل الآيلة ليصل المفروز من نفايات إلى معامل المعالجة وإعادة التدوير، لا أن يعاد خلط المفروز ونهدر الوقت والتعب والمال.
ولا ننسى في هذا السياق أن ثمة مسؤولية على الدولة أيضا، خصوصا لجهة التشدد في تطبيق القوانين، وبمعنى آخر لا يمكن لأي مشروع أن ينجح ويتطور بمبادرات القطاع الأهلي فحسب، أي أن ثمة ضرورة للتكامل مع مؤسسات الدولية، وفق خطة وطنية عامة تبدأ بتربية جيل جديد محصن بالثقافة والوعي، بعيدا من التلقين وتحفيظ مقولات باهتة وجامدة، وما الذي يمنع على سبيل المثال أن يكون الفرز من المصدر ملزما لسائر المدراس في القطاعين الرسمي والخاص، وأن يدرج تحت عنوان البيئة كمادة أساسية، فما النفع أن يحل التلميذ معادلات كيميائية فيما تحاصره النفايات من المدرسة إلى البيت؟
وتاليا، كيف يمكن إلزام ربات البيوت بالفرز دون محفزات تنصف المثابرات منهن، ففي دول سبقتنا في هذا المضمار، يحصل كل منزل يفرز أصحابه نفاياتهم على Package من مواد تنظيف مختلفة مجانا وغيرها من التقديمات، علما أن الوفرة المتأتية من الفرز يمكن تخصيص جزء منها في تشجيع المواطنين، وإذا كانت كلفة معالجة طن النفايات في لبنان تتخطى سقف الـ 120 دولارا أو أكثر، فمع الفرز من المصدر تتراجع الكلفة، أخذا بعين الاعتبار أن المواد القابلة لإعادة التدوير لها ثمن.
الشعار الجميل يجذب بالتأكيد، لكن ترجمته تتطلب مساحة أكبر من الوعي ومن الخبرة، ومراكمة الثقافة من تجارب كان يجدر بها أن تعلمنا، لا أن نبقى مصرين على السير في طريق العبث واستجداء "لايكات" على "فيسبوك" وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي، والمشكلة أننا بحاجة إلى خطة وطنية خمسية أو عشرية لننطلق وفق رؤية وبرنامج وطني، فالإرتجال غالبا ما يفضي إلى الفشل!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين) *رئيس "جمعية غدي"
|
|
|
|
|
|
|
|
|