لا دولة قوية دون نقابات مستقلة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
لا يمكن لدولة أن تنتظم أمورها دون نقابات تنظم العلاقة بين العمال وأرباب العمل، وتكون المعبِّـر الحقيقي عن مصالح العمال والموظفين وفقا للأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، ومن هنا، يحتل العمل النقابي أهمية قصوى في المجتمعات، ولا يقتصر دوره على تحسين أوضاع العمال والمنتسبين إلى النقابات فحسب، فالنقابة هي الفضاء القانوني الذي ينظم مهنة ما، أو أي قطاع آخر في الحياة، وهي بهذا المعنى ناظمة للعمل وفقا لمقتضيات القانون وحماية لأعضائها، فضلا عن التكامل بين النقابات في ما بينها، خصوصا إذا كان ثمة قاسم مشترك يتطلب التنسيق والتعاون.
النقابة هي نقيض الفوضى على مستوى المجتمعات الساعية إلى تنظيم سائر قطاعاتها، وتمثل هيئات مستقلة تنظم العلاقة بينها وبين الدولة ومؤسساتها، وترفع الغبن عن أعضائها في موضوع الرواتب وتحسن شروط العمل، وتساعد على تطوير قدرات الأعضاء في مختلف المجالات، المطلبية، العلمية، الثقافية وغيرها.
لم تنشأ النقابات من فراغ أو كنوع من الترف، وإنما جاءت استجابة لتطور مجتمعي منذ القرن التاسع عشر، أي مع بداية العصر الصناعي وتحول المجتمعات من الزراعة إلى عصر جديد فرضته الثورة الصناعية، وانطلقت من بريطانيا وأوروبا، ومن ثم الولايات المتحدة، وكانت في البداية عبارة عن جمعيات صغيرة، وإذا أردنا أن نعلم كيف تطورت الدول الكبيرة، فثمة عوامل عدة ساهمت في هذا التطور، من بينها حضور النقابات ضمن منظومة من القوانين بعيدا من القمع والمصادرة، أما الدول التي تخاف النقابات فما زالت متخلفة، وهذا حال لبنان أيضا.
سيبقى لبنان متخلفا طالما ارتضت السلطة السياسية تشتيت النقابات و"تطييفها" لتكون على صورتها، وما نشهد اليوم من محاولات "وضع اليد" على الاتحاد العمالي العام يذكرنا بما كان قاما في زمن الوصاية السورية يوم استبيح لبنان بسائر مؤسساته ومرافقه، ولكن الوصاية اليوم وصاية أهل البيت "أهلية بمحلية"، وقد بدأ بالفعل الصراع السياسي على تقاسم الاتحاد العمالي ورئاسته، وسيبدأ كذلك توزيع اتحاداته على السلطة وإقصائه ومنعه من أداء دوره الطبيعي كممثل لمصالح العمال والأجراء والموظفين ليكون مجرد أداة في خدمة أركان الدولة.
ما يخطط له في العتم حينا وفي العلن أحيانا كثيرة، يؤكد أن لبنان مآله الفوضى، خصوصا وأننا نرى ما يؤسس للاستئثار بمفاصل الدولة، والاستئثار يعني - لبنانيا - التقاسم والتحاصص، ومن هنا يمكن التأكيد أن لا دولة قوية دون اتحاد عمالي ونقابات مستقلة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|