حربُ "التيارَيْن"! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
" – أنور عقل ضو
أحيانا، وفي المواقف الحرجة والصعبة والخطيرة، تأتي التطمينات تباعا لتستحضر خطرا أكبر وأعم، أو لتكرس هواجس لا يلغيها التطمين بل يعززها، وهذا حالنا في لبنان وسط ما يتدفق من أسئلة وتوجسات من خاصرة أزمة، أو أزمات عدة مجتمعة، فضلا عن أن الأسئلة المتصلة بواقع مأزوم لا يطفئها إلا انعدام السبب المفضي إلى ما نحن عليه من "تشرذم سياسي"، خصوصا عندما تكون الأفكار متباعدة ومتناقضة، عندها لا يعود ثمة من يطفىء المخاوف، لا التطمين ولا غيره.
كما أن "فلسفة التطمين" عموما تكون مجلبة لما لا يُطمئِنُ أساسا، صحيح أن الأمور نسبية ولا يمكن تعميم أمر ما باعتباره مسلمة نهائية، لكن في لبنان ليس ثمة ما يفضي إلى تفاؤل ولو بشكل نسبي، وهذا ما تعلمناه في تجربة ينوف عمرها على الثلاثين عاما، فعندما تكثر التطمينات وتتلاحق، نتوجس خيفة من كارثة قابلة للتمظهر من على قارعة أزماتنا المستعصية، وهذا ما نستخلصه غالبا من دروس وعبر الماضي القريب، ومن هنا، يبقى خوفنا ماثلا كما الوجع يلازم المرضى، والمشكلة أنه في حالتنا اللبنانية بفرادتها وهشاشتها لا تصلح المسكنات، بمعنى أننا محكومون بالتعايش مع الوجع إلى أن تنتفي مسبباته وتزول عوارض المرض.
مشكورة بعض القوى السياسية، وقد طالعتنا اليوم بأجواء فيها الكثير من التفاؤل، وطمأنتنا بأن انفراط عقد حكومة "إلى العمل" غير وارد، وأسهبت في بث تفاؤل بررته من وجهة نظر رأت فيها أنها لا تستبعد أن تنشط مطلع الأسبوع المقبل حركة اتصالات بين بعبدا وعين التينة وبيت الوسط، لرأب الصدع الذي خلّفته حربُ المواقف بين "التيارين" (التيار الوطني الحر وتيار المستقبل)، ووضع النقاط على حروفها، تحضيرا لاستقبال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو من جهة، ولتأمين مناخات ملائمة لانعقاد مجلس الوزراء، من جهة ثانية.
صحيح أننا بحاجة لجرعة تفاؤل، لكن بعد اليوم أصبحت حاجتنا أكبر لتفاؤل يمكن أن يلامس الواقع، ويُترجَمُ عملا لا قولا، فعلا لا تنظيرا، لأننا، وبصراحة مطلقة "شبعنا تفاؤل" ما أزهر يوما ولا عرفنا ثماره في مدى سياسي يابس في صحراء الأفكار، ونحن نواجه إفلاسا أشد تأثيرا من إفلاس الدولة إذا حصل.
ويقيننا أن "حرب التيارين" مقدمة لأزمة أكبر بكثير من أزمة النازحين السوريين، خصوصا وأننا نعيش نزوحا دائما عن مصلحة لبنان، ومن طمأننا بأن عِقد الحكومة لن ينفرط فكأنه أكد أن هذا العقد كان قابلا للانفراط. "التطمين" في لبنان كارثة!
|
|
|
|
|
|
|
|
|