إردوغان... سقوط حلم الخلافة! |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
#الثائر
- أنور عقل ضو
يعيش الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خارج العصر، محكوما بزمنين بائدين، زمن الخلافة الإسلامية ولم تجلب للمسلمين والعالم منذ الخلفاء الراشدين إلا الانقسام والقتل، وزمن الفتح العثماني وحلم السيطرة على أوروبا الذي تحطم عند أسوار فيينا، وكلاهما لم يقدما نموذجا إنسانيا قابلا للحياة، إلا إذا كان إردوغان ومعه جل ممثلي الإسلام السياسي يتطلعون إلى تطبيق الشريعة والسنة، من حد قتل المرتد وقطع يد السارق إلى الرجم والجلد، ونكون نحن "ذميين" (نقدم الجزية من يد ونحن "صاغرون")، وكذلك تعميم اقتصاد الفتوحات والسبي وبيع النساء في ميادين عامة واستعباد المغلوب على أمرهم يباعون بسوق نخاسة عصري متصل بعالم الانترنت وفضاء الاتصالات الحديثة، صوتا وصورة ومؤثرات.
ويبدو إردوغان محكوما بأحلام طوباوية أبعد بكثير من الدولة الطورانية، ويتطلع ليكون خليفة المسلمين، مدعوما بغلاة ممثلي الجماعات الإسلامية من الشيخ يوسف القرضاوي وصولا إلى "وسطية" الأزهر الشريف غير القادر على تكفير تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) لاعتبارات تبقي "إسلام الاعتدال" في دائرة الالتباس، خصوصا وأن مواقف بعض مشايخ الأزهر تثير جملة من التساؤلات حول العديد من القضايا الشائكة، ومنها تكفير ومواجهة بعض المفكرين الحداثويين ممن تبنوا تجديد الخطاب الديني، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب والمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد ومحمد أركون واغتيال المفكر فرج فودة ورجل الدين والسياسي السوداني محمد محمود طه، وبدلا من ذلك نجد أن ثمة من أعاد مؤخرا طبع وتقديم كتاب شيخ الأزهر أحمد الدمنهوري (1767 – 1776) "إقامة الحجة الباهرة في هدم كنائس مصر والقاهرة"، وما إلى ذلك مما لا يتسع المجال لذكره.
ما يتسرعي الاهتمام ما يلقى إردوغان من دعم "القرضاويين" وسائر الجماعات الاسلامية المعتدلة في حدود معينة، فضلا عن تلك المتطرفة، وهي تتوزع بين "الإخوان المسلمين" في مصر وصولا إلى " داعش "، وما بينهما من جماعات تمثل أصوليات تستلهم التكفير منصة للترويج لأفكارها.
وسط كل ذلك، نرى إردوغان يندفع أكثر في مسار تحقيق حلم الخلافة، بعد أن تمكن في حدود كبيرة من تغيير الوجه العلماني لتركيا "أتاتورك"، بالقمع وتوظيف مؤسسات الدولة القضائية والإدارية لمحاصرة العلمانيين وسوقهم إلى السجون بـ "تهمة" دعم الانقلاب الفاشل (2016)، وذلك في مسعى للتخلص من حليفه السابق فتح الله غولن الذي رعى إردوغان وأوصله إلى السلطة قبل نحو عشر سنوات.
كما أن الاستمرار في اعتقال القس الأميركي أندرو برونسون المعتقل في تركيا بتهمة التعاون مع غولن وحزب العمال الكردستاني، لا يرقى إلى علاقة دولة بدولة مع سعي إردوغان لمقايضة برونسون بفتح الله بغولن الموجود في الولايات المتحدة، وتحول اعتقاله محور أزمة دبلوماسية غذت وقودها أخطر أزمة عملة تواجهها تركيا منذ حوالي 20 عاما، وكان برونسون يعيش ويمارس نشاطه التبشيري في إزمير المدينة التركية الواقعة على ساحل بحر إيجه بالقرب من بعض من التجمعات العمرانية الأولى في تاريخ الديانة المسيحية.
يسير إردوغان في مسار معاكس للتاريخ، فبناء الحاضر من خاصرة الماضي يعني بداية السقوط والانهيار، ولا يمكن لأي فكر ديني أن يقود العالم إلى ما يحقق طموح الإنسانية، فالغرب لم يتطور إلا بعد أن انتهج العلمانية كمفهوم للدولة الحديثة منذ العهد التنويري الذي أرساه فلاسفة ومفكري النهضة من ديكارت إلى فولتير وديفيد هيوم وغيرهم.
|
|
|
|
|
|
|
|
|