#المغرّد
وروبا تحشد للحرب ضد روسيا
اكرم كمال سريوي
تسابقَ القادة الأوروبيون في الآونة الأخيرة، لإعلان الدعم لأوكرانيا، والإصرار على هزيمة روسيا في هذه الحرب.
وبدا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأكثر اندفاعاً، عندما دعا قادة الدول الأوروبية، إلى مؤتمر باريس. وطرح عليهم فكرة إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا، حيث جُوبه طرحه بالرفض والاستغراب من قبل قادة عدة دول أوروبية، قبل أن يتلقّف وزير خارجيته الموقف، ويُعلن أن فرنسا لن ترسل أبناءها للموت في أوكرانيا.
إذا أخذنا على محمل الجد، تصريحات ماكرون وبعض قادة أوروبا، في المانيا، وايطاليا، والنروج، ورئيسة المفوضية الاوروبية السيدة فون دير لاين، والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، فإن كل المؤشرات تدل على أن أوروبا ذاهبة إلى الحرب، وستأخذ العالم معها إلى حرب عالمية ثالثة.
من المعروف أن الغرب تدخّل في الحرب الأوكرانية ضد روسيا، وهناك عدد كبير من الخبراء الغربيين على الأراضي الأوكرانية، يساهمون في التدريب، وإعداد الخطط، وتقديم المشورة للجيش الأوكراني. لكن ذلك لم يُعلن عنه بشكل رسمي، وقاتل أولئك الخبراء والجنود، تحت عنوان مرتزقة، تطوعوا بشكل انفرادي.
قدّم الغرب دعماً كبيراً بالأسلحة والذخائر، والتمويل فاق 150 مليار دولار لهذه الحرب، بهدف هزيمة روسيا.
فكيف لقادة الغرب أن يبرروا هذا الإنفاق السخي، إذا انتصرت روسيا؟
والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا يمكن أن يفعل الغرب بعد، لمنع هزيمة أوكرانيا، وتحقيق هزيمة روسيا ؟
في مقارنة عسكرية بسيطة، نجد أن روسيا تملك أكثر من 12 الف دبابة، و4500 طائرة، و70 غواصة، و 6500 رأس نووي، وصواريخ بمحرك نووي تصل سرعتها إلى 23 مرة سرعة الصوت (بوريفستنيك) لا يمكن ردعها، وقادرة على الوصول إلى أي نقطة في العالم خلال دقائق، وتدمير مدن بل دول بأكملها.
لم يشرح قادة أوروبا ولا الرئيس ماكرون، الذي يملك جيشه 257 دبابة فقط، و سربين من الطائرات المقاتلة، ماذا وكم سيرسل من الجنود إلى أوكرانيا، وكم سيبقي منهم للدفاع عن فرنسا.
كانت تملك اوكرانيا في بداية الحرب أكثر من 2500 دبابة T-64 محدثة، دُمرت بالكامل، والآن يكاد لم يبق منها شيئاً.
فكم دبابة يستطيع الغرب أن يرسل إلى أوكرانيا؟
وكم تحتاج أوكرانيا من دبابات ومعدات عسكرية لهزيمة روسيا؟
يعلم الجنرالات الغربيون الحقيقيون، أن هزيمة دولة كروسيا في حرب كلاسيكية أمر مستحيل، وهذا ما أعلنه عدد كبير منهم.
لكن الغريب، على ماذا بنى القادة الأوروبيون قرارهم، بمواصلة الحرب في أوكرانيا، وأملهم بهزيمة روسيا؟
يقاتل الغرب روسيا بدماء الأوكران، ويستمر في دعم أوكرانيا بالخُطب والتحفيز وبعض المال، أما ما يرسله لها من أسلحة وذخائر قديمة، فهو لا يعدو كونه خردة، كما وصفه الرئيس الأوكراني زيلينسكي.
لقد انعكس شح المساعدات الغربية، على واقع الميدان، فأصبح الجيش الأوكراني يتراجع بشكل فوضوي، فيما تتقدم القوات الروسية كل يوم، وعلى كافة محاور القتال.
فالجيش الأوكراني الذي كان يطلق أكثر من 10 آلاف قذيفة مدفعية يومياً، بات اليوم غير قادر على إطلاق سوى أقل من الفي قذيفة.
وفي المقابل تعمل المصانع الروسية بكامل طاقتها، وتمطر القوات الأوكرانية بوابل كثيف من النيران.
وهذا الواقع جعل الخلافات تدب داخل القيادة الأوكرانية، وبدأ الضباط والمسؤولون بتقاذف المسؤولية عن حالة التردي والفشل، والإخفاق في الصمود والاحتفاظ بالمراكز الدفاعية.
يريد ماكرون استعادة أمجاد إمبراطورية نابليون، لكنه يتناسى أن نابليون تلقى أكبر هزائمه على يد الروس.
أما المستشار الألماني، وما رشح من تسجيلات لبعض جنرالاته، وهم يناقشون خطة لضرب جسر القرم، فمن الواضح أنهم يحملون رغبة هتلريه، بالانتقام من روسيا، ولم يلتفتوا إلى الدرس القاسي، الذي تلقاه العالم عام 1945 جراء جنون الطموحات النازية.
لا شك أن إرسال الغرب قواته إلى أوكرانيا، سيكون بمثابة إعلان حرب على روسيا، أو بالأصح سيكون بمثابة إعلان نهاية العالم، واختفاء أوروبا من الوجود.
لو حكم العقلاء هذا العالم لما وقعت الحروب، لكن يبدو أن هذا العالم يسيطر عليه اليوم المتطرفون، وأصحاب النزوات قصيري النظر، الذين يدفعون سنوياً أكثر من 2,25 ترليون دولار كإنفاق عسكري، لتحقيق الغلبة والقتل والإبادة، ويبخلون بدفع عُشر هذا المبلغ، لمكافحة الفقر والجوع والتنمية المستدامة.
زادت الدول الأوروبية حجم انفاقها العسكري، ومَن لا يلتزم، مهدّدٌ بالطرد من الناتو.
فالعسكريتاريا و التطرف اليميني عنوان المرحلة المقبلة، وأوروبا تحشد للحرب، وتسير بقدميها نحو الهاوية.
أما المستفيد فهي أمريكا، التي تراقب ما يحدث لأوروبا، بابتسامة لا تخلو من المكر.