#المغرّد
صباح محسن في بغداد ما تخلفه الليالي و جرخلة .. سردية مفعمة بالمغايرة
نقد
احمد العراقي
صدر عن دار ومكتب التقدم للطباعة والنشر والتوزيع كتابان مهمان للكاتب والشاعر والناقد السينمائي صباح محسن الأول مجموعة شعرية حملت عنوان ( بغداد ما تخلفه الليالي) بقطع متوسط وبطباعة أنيقة وبواقع 144 صفحة حيث كانت بغداد حبيبة الشاعر ونديمه في مسيرة حياة مفعمة بالألم والحب والترقب والشغف ببناء ملحمي ونفس عاشق أضناه الشوق إلى معشوقته .
حملت المجموعة الشعرية السندبادية شراعها وطافت تجول في أفياء بغداد وتماثيلها بطقوس خاصة للشاعر فقبلة هنا ومواربة هناك وتأويل بخطوة حائرة تقوده في عيون ساحة الميدان الى الباب الشرقي بمغايرة الاستاذ الخبير لتحمل المجموعة (60) نصا مُطعّما بروح الشاعر فبغداد ألمهُ وحبه وضميره هكذا هو صباح محسن عندما يمسك بالوجع ليحوله إلى أغنية تسمى بغداد .
أما الكتاب الثاني فحمل عنوان (جرخلة) بواقع 111 صفحة من القطع المتوسط وبطباعة أنيقة بدأها الكاتب صباح محسن بالاهداء :
الشارع محموم بالخطى
أو تدري الخطى
محنة الذكرى ؟
والباب مصد بليد
لأسرار تنأى من الضرر
(16) بابا من الفردوس ولجها صباح محسن مستفيضا هائما ولها ببغداد التي دوّخت العالم القديم والجديد فما كان على الكاتب إلا أن يُمسك بأطياف الزمن ليكتب مغامراته السندبادية وهو يتسللُ لواذا بين أزقة الشواكة وفي شوارع البتاويين ويُرمم ذكرياته في منطقة الميدان ويتاخم ارواح الحياة في الشورجة حين تتجمد الذكريات في الكاظمية .
استطاع الكاتب الباهر الزميل صباح محسن أن يحدث طفرة ادبية في مجال الرحلة من الحاضر إلى الماضي بما يمتلكه من خزين معرفي وثقافي وظفه مهنيا لإمساك بغداد بصورتين :
الأولى في مجموعته الشعرية ( بغداد ما تخلفه الليالي)
الثانية في سفره المهم ( جرخلة)
يحسب الى الكاتب أنه أصدر كتابين مختلفين عن بغداد وهي خطوة جريئة وهو بذلك يعلن عصرا جديدا لادب الرحلات في راحل في مكانه مستوفٍ كل شروط هذا الأدب بحيثية مغايرة تماما وغير متوقعة وهو يذكرنا بدانتي صاحب الكوميديا الآلهية التي كتبها باللهجة العامية وكاتبنا الفذ يكتب جرخلاته باللغة الشعبية العراقية فيكون دانتي العراق ( صباح محسن) صاحب أول عمل أدبي معاصر يحمل عمق الماضي بإطلالة الحاضر ليؤطر نهجا جديدا في ادب الرحلات .