#المغرّد
توترات روسية - أميركية جديدة بعد اعتقال صحافي في موسكو بتهمة التجسس
واشنطن: هبة القدسي
في تصعيد جديد للتوترات بين روسيا والولايات المتحدة، ألقت السلطات الروسية القبض على الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش، الذي يعمل مراسلاً في روسيا لصالح صحيفة «وول ستريت جورنال»، واتهمته بالتجسس لصالح حكومة الولايات المتحدة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال صحافي أميركي بتهمة التجسس منذ الحرب الباردة بين البلدين.
وقالت أجهزة الأمن الروسية في بيان إن غيرشكوفيتش (31 عاماً) كان يعمل لصالح جريدة «وول ستريت جورنال» باعتماد صحافي صادر عن وزارة الخارجية الروسية. وقالت الأجهزة الأمنية إنها ألقت القبض على الصحافي متلبساً في أثناء محاولته الحصول على معلومات سرّية بشأن أنشطة إحدى المؤسسات الصناعية العسكرية الروسية في مدينة يكاترينبرغ، وهي مدينة في وسط روسيا على بُعد أكثر من ألف ميل شرق موسكو. ويواجه غيرشكوفيتش عقوبة السجن عشرين عاماً في حال إدانته بتهم التجسس، بموجب القانون الجنائي الروسي.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في منشور على تطبيق «تلغرام»، اليوم (الخميس)، إن ما كان يفعله غيرشكوفيتش «في مدينة يكاترينبرغ لا علاقة له بالصحافة. وللأسف، هذه ليست المرة الأولى التي يتم استخدام وضع (مراسل أجنبي)، والحصول على التأشيرات والاعتماد الصحافي من الأجانب في بلدنا للتستر على الأنشطة غير الصحافية». وقال ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، للصحافيين: «نحن لا نتحدث عن شكوك، لقد تم القبض عليه بالجرم المشهود»، دون تقديم أي تفاصيل أخرى.
وحذّر بيسكوف الولايات المتحدة من اتخاذ أي إجراءات انتقامية ضد الصحافيين الروس في الولايات المتحدة، قائلاً إن ذلك «يجب ألا يحدث».
وأشار مسؤولون بالإدارة الأميركية إلى أنهم يحاولون الحصول على مزيد من المعلومات حول هذا الأمر ويولونه أهمية بالغة.
من جانبه، قال النائب الديمقراطي آدم شيف، العضو السابق في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب لشبكة «سي إن إن»، إن هذا الاعتقال يعد إشارة على أن موسكو ستلجأ إلى أخذ الرهائن، في محاولة لردع الغرب عن معارضة خططها وطموحاتها في أوكرانيا، وقال شيف: «هذا سلوك معروف لروسيا، وتمكن رؤيته يتزامن مع إعلاناتهم النووية»، مشيراً إلى خطط روسيا وضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا.
«وول ستريت» تنفي التهم
من جانبها، نفت جريدة «وول ستريت»، «بشدة» المزاعم الروسية ضد الصحافي إيفان غيرشكوفيتش الذي اعتقلته روسيا للاشتباه في قيامة بالتجسس، وأبدت القلق البالغ حول سلامته، وطالبت بالإفراج الفوري عنه. وقالت كتلين ريروس، مسؤولة الاتصالات في الجريدة: «إن (وول ستريت جورنال) تنفي بشدة المزاعم الروسية، ونسعى للإفراج الفوري عن مراسلنا المتفاني والموثوق به والذي يعمل ضمن فريق مكتب الصحيفة في موسكو».
كان غيرشكوفيتش قد أسهم مؤخراً في كتابة تقرير لـ«وول ستريت جورنال» عن مجموعة «فاغنر»، وهي شركة يرتبط مؤسسها بفلاديمير بوتين والتي لعب جيشها الخاص من المرتزقة دوراً رئيسياً في الحرب في أوكرانيا. كان مرتزقة «فاغنر» في طليعة الهجوم الروسي المستمر على بلدة باخموت الواقعة على خط المواجهة والتي يسيطر عليها الأوكرانيون، حيث أبلغت القوات الأوكرانية شبكة «سي بي إس نيوز» بأن المقاتلين الخاصين -وكثير منهم تم تجنيدهم سابقاً من السجون الروسية- تم إلقاؤهم في خط المواجهة في موجات مع القليل من الاهتمام على ما يبدو بحياتهم.
وقبل انضمامه إلى صحيفة «وول ستريت جورنال»، عمل غيرشكوفيتش في وكالة «فرنس برس» في موسكو وصحيفة «موسكو تايمز»، وهو موقع إخباري باللغة الإنجليزية، وكان مراسلاً مقيماً في العاصمة الروسية ويتحدث الروسية بطلاقة، وقد هاجرت عائلته إلى الولايات المتحدة من روسيا عندما كان طفلاً.
ويعد غيرشكوفيتش أول مراسل أميركي يتم اتهامه بالتجسس واحتجازه كمتهم في روسيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وفي توقيت تتزايد فيه التوترات بين موسكو وواشنطن. ويأتي اعتقاله في وقت يواجه فيه الصحافيون الغربيون في روسيا قيوداً متزايدة. وغالباً ما يذكر العاملون في وسائل الإعلام الغربية أنهم مراقَبون، لا سيما في أثناء الرحلات خارج المراكز الحضرية الرئيسية في موسكو وسانت بطرسبرغ. وقد أبدت عدة نقابات وهيئات صحافية مخاوفها من أن يؤدي القبض على مراسل «وول ستريت جورنال» إلى تراجع عمل المراسلين في روسيا وتآكل القدرة على العمل بحرية في التقارير الصحافية. ويخشى الكثير من الروس التحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية، بسبب قوانين الرقابة الصارمة المعتمدة في أعقاب هجوم أوكرانيا.
ويواجه الصحافيون الروس عقوبة تصل إلى السجن 15 عاماً إذا نشروا تقارير عدّتها السلطات تقارير كاذبة وفقاً لقانون روسيّ تم تمريره في البرلمان الروسي، وقد استخدمت السلطات الروسية أيضاً تهم التجسس ضد الصحافيين الروس، وفي العام الماضي، سجنت روسيا إيفان سافرونوف المحرر العسكري لصحيفة «كوميرسانت»، لمدة 22 عاماً بتهمة الخيانة، وهو أحد أبرز الصحافيين الروس الذين يغطون شؤون الدفاع. فيما أوقفت بعض الوسائل الإعلامية مكاتبها في موسكو مثل «بي بي سي» بسبب هذا القانون والمخاوف على سلامة مراسليها.
اتهامات متبادلة
كانت وزارة العدل الأميركية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن توجيه اتهامات جنائية ضد سيرغي فلاديميروفيتش تشيركاسوف، وهو مواطن روسي دخل أميركا بهوية مزورة، وقالت وزارة العدل إنه قام بجمع معلومات استخباراتية قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
ويُحتجَز الكثير من المواطنين الأميركيين حالياً في روسيا وسط اتهامات متبادلة بين واشنطن وموسكو بتنفيذ اعتقالات لدوافع سياسية. وقد جرى الكثير من عمليات تبادل الأسرى رفيعة المستوى بين موسكو وواشنطن خلال العام الماضي. ففي ديسمبر (كانون الأول) أفرجت موسكو عن نجمة كرة السلة الأميركية بريتني غرينر، التي أُلقي القبض عليها بتهم حيازة مخدرات، مقابل إطلاق سراح فيكتور بوت، تاجر أسلحة روسي كان مسجوناً في السجون الأميركية، لكن رفضت روسيا إطلاق سرح بول ويلان، الجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية والمحتجز في روسيا منذ عام 2018 وحكم عليه بالسجن 16 عاماً باتهامات ومزاعم بالتجسس