#المغرّد
خطأ انتخاب رئيس للجمهورية قبل البت بالطعون النيابية قد يجعل انتخاب الرئيس عرضة للطعن.
اكرم كمال سريوي
هل يجوز لمجلس النواب انتخاب رئيس للجمهورية، قبل بت المجلس الدستوري بالطعون النيابية ؟ وماذا لو تم إبطال نيابة بعض النواب الذين صوتوا للرئيس وكان لأصواتهم دور في فوزه؟؟؟
هذا السؤال لم يحدد له الدستور ولا القوانين المرعية الإجراء جواباً،
لكن الجواب يكمن في المسار القانوني العام، ومبادئ الإجراءات القانونية لعملية الانتخاب، بحيث يكون ما بُني على خطأ خطأ، وما بُني على باطل باطل حكماً.
فلو افترضنا أن انتخاب رئيس للجمهورية تم بأكثرية 65 صوتاً في الدورة الثانية، كما ينص الدستور ثم صدر بعد حين قرار المجلس الدستور، وأبطل نيابة نائب أو عدد من النواب الذين صوتوا للرئيس، فعندها يحق للمرشح المنافس المتضرر أن بطعن بانتخابات رئيس الجمهورية الفائز، وطبعاً سيتم إبطال انتخابه.
نادرة هي الحالات التي تزامن فيها موعد انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، قبل البت بالطعون النيابية، خاصة أن هذا الأمر كان يعود للمجلس النيابي نفسه فقط، حق النظر بصحة انتخاب أعضائه، قبل إنشاء المجلس الدستوري بالقانون رقم 250 في 1993/7/14، وفق ما نص عليه اتفاق الطائف، وأصبح يتولى من ضمن مهامه، مسألة النظر في الطعون الانتخابية لأعضاء مجلس النواب.
تم تقديم 15 طعناً عقب الانتخابات النيابية الماضية، التي جرت في 15 أيار، وانتهت مهلة تقديم الطعون في 16 حزيران، ووفق القانون يتوجب على المجلس تعيين مقرر لكل طعن، ويكلّف رئيس المجلس أحد الأعضاء وضع تقرير بالطعن، خلال مهلة 3 أشهر من تاريخ تكليفه، وخلال مهلة شهر بعد إنجاز التقرير يجتمع المجلس ويصدر قراره، ولكن هذه المهل الزمنيّة غير ملزمة للمجلس وغالباً ما يتم تجاوزها.
ويكون قرار المجلس بعد مراجعة الطعن أمّا بإبطال نيابة المطعون بنيابته وإعلان فوز المرشح الحائز على الأغلبية، أو إعادة إجراء الانتخابات على المقعد الذي خلا نتيجة إبطال النيابة، وفي هذه الحالة وإذا كان الشغور مقعدين أو أقل يعتمد النظام الأكثري في الانتخابات، أما إذا كان ثلاثة مقاعد أو أكثر فيعتمد النظام النسبي.
القرار الذي صدر أمس عن المجلس الدستوري برد خمسة طعون، يشير إلى أن الطعون الباقية قد تكون أكثر جدية، وربما تُسفر عن ابطال نيابة بعض النواب الحاليين، وإعلان فوز المرشحين الذين طعنوا بالنتائج، أو إصدار قرار بإعادة إجراء الانتخابات، وفي كلا الحالين سنكون أمام معضلة في إجراء انتخابات رئاسية، إِلَّا في حالة واحدة وهي أن يتم انتخاب الرئيس بعدد من الأصوات، يزيد عن نصف عدد النواب، بأكثر من عدد النواب الذين يتم ابطال نيابتهم.
بمعنى آخر أن لا يكون لابطال نيابة من يتم ابطال نيابته، تأثيرا جذرياً على عملية الانتخاب، بحيث يبقى الرئيس فائزاً بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، أو بالأغلبية المطلقة (65 صوتاً) في الدورة الثانية حتى لو أُسقط عدد النواب الذين تم إبطال نيابتهم من عدد الأصوات التي حاز عليها الرئيس الفائز.
انطلاقاً من هذه الوقائع يتوجب على المجلس النيابي تأجيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، حتى البت بكامل الطعون النيابية من قبل المجلس الدستوري، كما أنه كان من واجب المجلس الدستوري أن لا يؤجل عملية البت بالطعون المقدمة أمامه إلى هذا الوقت.
ويبدو أن المجلس النيابي، وكذلك المجلس الدستوري، يدركان هذا الأمر، ووفق بعض المصادر فإن المجلس الدستوري، سيصدر قراراته بالطعون العشر المتبقية، قبل نهاية الشهر الحالي، أو ربما يسود المجلسين إطمئنان إلى عدم انتخاب رئيس للجمهورية في المدى القريب، ولذا يتصرف الجميع براحة تامة.