#المغرّد
غانم : هذه النقاط اهم من أسم الرئيس المقبل
على أبواب الاستحقاق الرئاسي في لبنان، تزاحمت الأسماء، وانهالت الشروط والمواصفات المطلوبة في الرئيس العتيد، دون أن يُقدّم أي مرشح خطته أو مشروعه للرئاسة، واقتصر كلام بعض المرشحين على العموميات. ورغم علمنا أن التسوية ستُنتج رئيساً كما في كل مرة، دون أي أهتمام ببرنامجه الرئاسي، أردنا تسليط الضوء على نقاط أساسية، في حوار شامل مع مدير المجموعة الإعلامية فادي غانم .
اعتبر رئيس اللجنة الوطنية لصون الطبيعة والحاكم السابق لاندية الليونز في المنطقة 361 (لبنان، الأردن، العراق، وفلسطين) فادي غانم، أن أسم رئيس الجمهورية المقبل ليس مهماً، بقدر ما يجب أن نولي أهمية لشخصيته ومواقفه وقدرته على العمل والنهوض بلبنان.
ويرى غانم أننا جميعاً نحلم بدولة قوية علمانية عصرية، ترتكز إلى مبادىء العدالة والكفاءة والمساواة، لكن في نفس الوقت علينا أن نتعامل مع الواقع اللبناني، الذي ما زال خاضعاً لنظام طائفي، وتوازنات بين قوى سياسية وطائفية وحزبية لا يمكن إلغاؤها ولا شطبها من الوجود، كما لا يُمكن أن يُحكم البلد بالغلبة ومنطق الكسر والإلغاء والاستفراد وانتصار فريق أو طائفة على أُخرى، ولا بد لنا من التعامل مع الوضع القائم بعقلانية وهدوىء.
هذا الواقع يتطلب رئيساً صاحب إرادة جامعة، يكون قادراً على الحوار والتواصل مع كافة مكونات الوطن، الطائفية والسياسية وأحزاب ومستقلين، وخاصة جيل الشباب الذي يتوق إلى التغيير والخروج من القوقعة الطائفية والمذهبية، نحو دولة عصرية تحكمها الأنظمة والقوانين، وتحفظ حرية وكرامة المواطنين، وتؤمن لهم عيش رغيد، ومستقبل زاهر.
ويرى غانم: أن الرئيس يجب أن يكون قوياً، لكن قوته تنبع من مشروعه الوطني، وقدرته على جمع الفرقاء السياسيين حول خطته ورؤيته الإنقاذية، وجديته في العمل، وإعلاء المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، وعندما يكسب الرئيس ثقة الشعب وتأييده، يُصبح قادراً على تحقيق الإنجازات والإصلاحات الضرورية، وإذا لم يتمكن من جمع كل اللبنانيين حوله، أو غالبيتهم على الأقل، فسيبقى رئيساً ضعيفاً مهما كانت كتلته النيابية او زعامته الطائفية.
علينا إعلاء الشعور الوطني فوق التحزبات والعصبيات المذهبية الضيقة، ولا يمكن لمن يصل إلى سدة الرئاسة أن يبقى عالقاً في شرنقة فريقه وطائفته، فالدستور الذي ارتضيناه جميعاً، علينا واجب احترامه وتطبيقه، وهو في مقدمته يُعلي المصلحة العامة، ويكرّس وحدة الشعب وأراضي الجمهورية اللبنانيية، ويؤكّد على الحرية، واحترام الملكية الفردية، واعتماد نظام الاقتصاد الحر، والتزام المواثيق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وفي مقدمتها شرعة حقوق الإنسان.
وفي الشأن السياسي يقول غانم: أنه علينا العمل على تطوير نظامنا السياسي، لكن يجب أن نبدأ أولاً بتطبيق ما تم الاتفاق عليه في اتفاق الطائف، وتم تكريسه في مواد الدستور، خاصة لجهة وحدة لبنان، ورفض أي مشاريع تجزئة أو تقسيم، تحت عناوين اللامركزية الموسّعة أو الفيدرالية أو غير ذلك من مشاريع قد تدمر لبنان، ولا بد من تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، واستحداث مجلس للشيوخ، وإصدار قانون استقلالية القضاء، وهذه كلها أمور نص عليها اتفاق الطائف، ولكنها مع الأسف لم تطبق حتى الآن.
وفي موضوع السلاح يرى غانم أنه لا يمكن لأحد أن يقبل بوجود سلاح خارج إطار الدولة، ولكن لبنان عانى في مرحلة سابقة من الحرب الأهلية، ووجود قوات عربية على أرضه، ثم تعرض للاحتلال من قبل العدو الإسرائيلي، الذي جثم على أرضنا عدة سنوات، فكانت المقاومة المشروعة لهذا الاحتلال، وتمكّنا من تحرير أرضنا عام ٢٠٠٠، ولكن التهديد الإسرائيلي ما زال موجوداً، وطيلة هذه السنوات لم يتم تجهيز الجيش اللبناني بالأسلحة اللازمة، وبقي سلاح المقاومة خارج إمرة الجيش، لذلك لا بد اليوم من إيجاد صيغة، تحفظ قدرة لبنان على حماية أرضه وحدوده، في مواجهة أي خطر خارجي، وفي نفس الوقت تجعل إمرة السلاح وقرار السلم والحرب بيد الدولة اللبناني وحدها.
وفي الموضوع الاقتصادي قال غانم:
يجب إعطاء الشأن الاقتصادي الأولوية والأهمية القصوى، وفي الحقيقة هناك إمكانية للنهوض، فلبنان بلد غني وليس فقيراً كما يعتقد البعض، لكن علينا أولاً أن نقوم بعدة خطوات إصلاحية، أولها معالجة موضوع الكهرباء، والمشاريع عديدة وجاهزة، لكنها تحتاج إلى الإرادة المخلصة لتنفيذها، وأنا أميل إلى تعاون الدولة مع القطاع الخاص، لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ عدة مشاريع، تكون مفيدة ومنتجة، من الكهرباء، إلى سكك الحديد، وخطة النقل العام، ومترو الأنفاق، وغير ذلك.
لا بد من ربط لبنان بالعالم العربي والعالم، بشبكة طرق وسكك حديد، وتنشيط وتسهيل العمليات التجارية، ويمكن للبنان الاستفادة من موقعه الجغرافي، ليشكل نقطة وصل بين العالم العربي وأوروبا، وموانئنا جيدة ويمكن تأهيلها لتلعب دوراً مميزاً في المنطقة.
ولا بد للبنان من العمل جدياً لاستثمار ثرواته الطبيعية، خاصة مصادر الطاقةالنظيفة، كاستخراج الكهرباء من الشمس والرياح والمياه، بشكل مركزي ومنظم، في كافة المناطق، ولا يجوز الاتكال على العمل الفردي، بل يجب أن تقوم مشاريع كبرى لهذه الغاية، بحيث نتمكن من خفض التكلفة على المواطنين، وزيادة الانتاج، فالحفاظ على البيئة أمر ضروري وعلينا الاستفادة القصوى من هذه الموارد بطريقة علمية سليمة، فلبنان بلد جميل جداً وغني جداً بطبيعته المتنوّعة، وعلينا الإسراع في البدء بالتنقيب عن النفط والغاز في البحر، فوفق التقديرات الدولية لبنان يملك احتياطي حوالي ٧٥٠ بليون متر مكعب من الغاز، هذا إضافة إلى ثروة مائية ضخمة صالحة للشرب، وكذلك هناك ثروات في البر، فمثلاً هناك ثروة نفطية في منطقة حاصبيا، كان يستخرجها الفرنسيون سابقاً، وتوقف العمل في المنجم منذ سنوات، وهذه الثروة من "الحمّر" تُقدّر بنحو عشرة مليارات دولار.
لقد أهمل لبنان عبر عقود مسألة تنشيط القطاع الصناعي والزراعي، وانفقت الدولة مليارات الدولارات في مشاريع غير منتجة، إضافة إلى عمليات؛ السرقة، والسمسرات، والهدر، والفساد، وعلينا اليوم أن نفكر بطريقة مختلفة، فيجب تشريع القوانين اللازمة، والقيام بالخطوات الاصلاحية التي طلبها صندوق النقد الدولي، وتنفيذ ورشة تطهير الإدارة من الفاسدين، وتفعيل دور القضاء في تطبيق القوانين المحاسبة، فلا يجوز أن تستمر الفوضى والدولة غائبة.
تفعيل وجود وعمل مؤسسات الدولة أمر أساسي وجوهري، فيجب ضبط الحدود ومنع التهريب، الذي يحرم الدولة من مبالغ طائلة، كما أنه أضاع أكثر من ٧٠٪ من ألأموال التي تم انفاقها على الدعم، كذلك يجب معالجة مشاكل القطاع العام، بشكل يتناسب مع إمكانات الدولة، فالعلاقة وطيدة بين مداخيل الدولة وعدد الموظفين ورواتبهم، وهذا يجب أن يتم وفقاً للقوانين، ووفق خطة شاملة يتم تنفيذها على مراحل.
في المرحلة الراهنة سيحتاج لبنان حتماً إلى مساعدات من الدول الصديقة والشقيقة كي يتمكن من النهوض من أزمته المالية والاقتصادية، وهذا طبعاً يحتاج إلى وجود رئيس جمهورية ورئيس حكومة، يكونان قادرين على التواصل مع هذه الدول، والأهم أن يسعى لبنان بشكل جدي إلى تحسين علاقاته الخارجية، والتزام كافة الأطراف بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، وإذا كنّا لا نستطيع أن نكون حياديين في الصراع مع إسرائيل، لكن يمكن أن نكون حيادين في النزاعات الدولية الأخرى، وأن نحافظ على عروبتنا واستقلالنا.
وأضاف غانم : يجب أن ندع المشاكل السياسية الشائكة الآن ونولي جُل اهتمامنا للإصلاح الاقتصادي والمالي، وهذا لا يمكن أن يتم من دون تحديث القوانين وإصدار التشريعات اللازمة، فالقطاع المصرفي كان عماد اقتصاد لبنان، وعلينا التعاون مع جمعية المصارف لإعادة الثقة بهذا القطاع، ولا يمكن استعادة الثقة دون الحفاظ على حقوق المودعين كاملة، ولا بد أن تتحمل الدولة والمصارف مسؤولياتهم في هذا الشأن. أما معالجة مشكلة الدين العام فباتت مُلحة، بحيث يجب أولاً انتظام مالية الدولة، عبر إقرار موازنات سنوية خالية من العجز، والتركيز على استحداث المشاريع المنتجة، التي تعزز مداخيل الدولة، ويجب كذلك تحسين الجباية، ومنع التهرب الضريبي، واعتماد مبدأ الضريبة التصاعدية.
وختم غانم: أنا على ثقة بقدرتنا على النهوض فالشعب اللبناني مبدع وقادر على تطوير بلده في كافة المجالات، لكننا نحتاج إلى إرادة جامعة حقيقية للنهوض بالبلد، وترك خلافاتنا جانباً، فإذا توافرت الإرادة الطيبة لدى كافة الفرقاء، وكان رئيس الجمهورية قادراً على الحوار والتلاقي مع كافة الأطراف، يستطيع حينها أن يدفع، مع حكومة اختصاصيين، مدعومة من غالبية الكتل النيابية، إلى اتخاذ الخطوات والقرارات اللازمة لإنقاذ لبنان والسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل.