#المغرّد
رئيس التحرير اكرم كمال سريوي
لقد شكّلت راشيا في آذهان اللبنانيين رمزاً لسيادة واستقلال لبنان، لكنها مع البقاع الغربي، ومن وجهة النظر السورية، هي بوابة الشام، التي يجب تأمينها بأي ثمن. ففي عام ١٩٨٢ إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان، لم تواجه القوات السورية، الجيش الإسرائيلي بشكل جدّي، إِلَّا بعد أن وصل الى بيادر العدس، وباتت الخشية على العاصمة دمشق.
يحاذر حزب الله من إعلان أي تصريح عن الانتخابات في الدوائر ذات الأكثرية المسيحية أو الدرزية، وهو يعلم أن أي موقف عالي السقف، سيصبّ في مصلحة أخصامه، خاصة الحزب الاشتراكي، والقوات اللبنانية.
لكنه رغم ذلك لم يستطع منع مسؤولين من حلفائه، خاصة في التيار الوطني الحر، والحزب القومي، وحزب البعث، من كشف بعض خططهم والنوايا المبيّتة. فأطلّ بعضهم عبر الشاشات ووسائل التواصل، ليعلن أن هدف المعركة الانتخابية الأساسي لتحالف قوى الثامن من آذار، في دائرة راشيا والبقاع الغربي، هو إسقاط مرشّح وليد جنبلاط وائل ابو فاعور، وضرورة دعم المرشّح الدرزي الآخر المدعوم من سوريا وقوى ٨ آذار ، طارق الداوود.
لا يواجه حزب الله والقوى الحليفة أي مشكلة في السيطرة على دائرة البقاع الشمالي، خاصة بعد انساحب الحريري من المشهد الانتخابي، فتم تطويع عرسال، وفرض انساحب المرشّحين الشيعة من اللوائح المنافسة، وكذلك في الجنوب فلقد نجحت خطة الإمساك بكافة نواب المنطقة، ومن غير المتوقّع أن تحصل خروقات، خاصة بعد تمرير التوافق على مرشّح الحزب الديمقراطي في حاصبيا مروان خير الدين.
بحسب التسريبات من بعض مسؤولي التيار الوطني الحر، وحزب البعث، وشخصيات موالية لقوى الثامن من آذار في البقاع الغربي: إن المخابرات السورية تدفع باتجاه صب الأصوات التفضيلية لمصلحة طارق الداوود، وإعطاء الأولوية لإسقاط ابو فاعور. في حين يرى حزب الله أن هذه مهمة مستحيلة، والأولية يجب ان تكون لإنجاح مرشح التيار الوطني الحر شربل مارون، بينما تدعم أمل النائب إيلي الفرزلي. فحزب الله يرى في الصورة السياسية الشاملة، حاجته إلى الغطاء المسيحي، ولذلك سيدعم مرشّحي التيار الوطني في كافة الدوائر التي يستطيع فيها ذلك، ولن يسمح بهزيمتهم، خاصة أن التيار تناقصت شعبيته كثيراً في الفترة الأخيرة، وظهر ذلك جلياً في انتخابات المغتربين، وتصدّعت تحالفاته من الداخل، بخروج عدد كبير من النواب وحلفاء الأمس من التكتل، الذين ترشّحوا ضده.
يبلغ عدد الناخبين في هذه الدائرة 153,928 ناخباً، ويتنافس فيها 29 مرشّحاً، على ستة مقاعد؛ إثنان للسنّة، وواحد لكل من؛ الدروز، الشيعة، الموارنة، والروم الأرثوذكس، وهم توزّعوا على ست لوائح. لكن المعركة الحقيقية تدور بين لائحة "الغد الأفضل" ؛ لحزب الله، وحركة أمل، والتيار الوطني الحر، وحسن مراد، وطارق الداوود، وإيلي الفرزلي الحليف والخصم للتيار في آن واحد، ولائحة " القرار الوطني المستقل" للاشتراكي ومحمد القرعاوي القريب من تيار المستقبل، والجماعة الاسلامية، وبعض المرشّحين المستقلين.
يتوزع الناخبون في هذه الدائرة بحسب الطوائف الى؛ 64,274 ناخباً سنياً، 23,189 شيعياً، 22,834دروز، 11,343 موارنة، 10,465روم أرثوذكس، 10,239روم كاثوليك والباقون يتوزعون على طوائف صغيرة.
بمراجعة نتائج انتخابات 2018 نجد أن التصويت كان مذهبياً بنسبة كبيرة جداً، ويبدو أن الأمر سيتكرر نفسه هذه المرة.
في انتخابات 2018 اقترع 66,482 ناخباً، وبلغ الحاصل الانتخابي 10,822صوتاً، وحل عبد الرحيم مراد أولاً ب 15,111 صوتاً، و وائل ابو فاعور ثانياً ب 10,677 صوتا، ومرشّح حركة امل محمد نصرالله ثالثاً ب 8,897 صوتاً، ومحمد قرعاوي رابعاً ب 8,768 صوتاً، ولم يحصل الفرزلي سوى على 4,899 صوتاً، فيما لم يحصل فيصل الداوود سوى على 2,041 صوتاً فقط، والمجتمع المدني على 1,546 صوتاً.
في تحليل سريع لنتائج هذه الانتخابات نجد أن طارق الدوود يحتاج إلى دعم بحوالي 9 آلاف صوت ليتفوق على ابو فاعور، وهذا رقم لا يملكه حزب الله ولا حلفاء الداوود في هذه الدائرة، وبالتالي إن فوز الداوود مستحيلاً. هذا إضافة إلى أن لائحة "الغد الأفضل" من الصعب أن تحقق زيادة في الأصوات التي حصلت عليها في 2018. وبالتالي فإن توزيع المقاعد سيكون معتمداً على مدى المشاركة السنية، وخاصة أنصار تيار المستقبل.
والفوز بالمقعد السادس سيكون على الأرجح، للائحة التي تملك الكسر الأكبر، إذ سيكون من الصعب على لائحة "القرار الوطني المستقل" بغياب تيار المستقبل، أن تحصل على ثلاثة حواصل كاملة، كما من غير المتوقّع أي خرق للوائح المجتمع المدني التي تشرذم مرشحوها على أربع لوائح.
أربعة مقاعد محسومة سلفاً في هذه الدائرة، وهي ل ؛ حسن مراد، وائل ابو فاعور، قبلان قبلان، ومحمد القرعاوي. فيما ستتأرجح المقاعد المسيحية بين المرشحين الأربعة وتدور المعركة الطاحنة داخل لائحة " الغد الأفضل" بين الفرزلي ومرشّح التيار شربل مارون. ففي حال فاز الفرزلي، ولم تحصل اللائحة سوى على ثلاثة مقاعد، سيكون المقعد السادس من نصيب المرشح الماروني على لائحة "القرار الوطني المستقل" جهاد الزرزور، وهذا هو السيناريو الأقرب للتحقق. أما في حال تقدّم مرشح التيار الوطني الحر شربل مارون على الفرزلي، فعندها يسقط الفرزلي، ويذهب المقعد إلى الأرثوذكسي غسان السكاف.
لكل حسابته وأهدافه، فهل تنطبق حسابات الحقل على البيدر؟؟؟
هذا ما ستظهره النتائج في صناديق الاقتراع بعد يومين.