#المغرّد
ظافر مراد
خرجت روسيا من كازاخستان منتصرة بعد تدخل قواتها الحاسم لصالح الحكومة الكازاخية في مواجهتها للإضطرابات الغامضة، والتي من المرجح أن تكون ذات توجيهات وتعليمات خارجية، ولمن لا يعرف لماذا تدخلت روسيا في كازاخستان، فسنشرح له الحقائق التالية:
1- كازاخستان هي أحدى دول الإتحاد السوفياتي السابق، والتي تقودها حالياً حكومة ذات علاقة ممتاز مع روسيا، وتعتبر الحليف الأقوى لها في المنطقة.
2- تعتبر كازاخستان أقوى دولة في آسيا الوسطى إقتصادياً وعسكرياً، بسبب صناعة النفط والغاز لديها، وتصديرها للخارج.
3- تقع كازاخستان في قلب آسيا الوسطى بين روسيا والصين، العدوين التقليدين للولايات المتحدة، وبالتالي فإن ضرب الإستقرار فيها، سيؤثر حتماً على النشاط الإقتصادي والحركة التجارية في هذه المنطقة، وسيوقعها في فوضى ستكون لها تداعيات سلبية جداً على روسيا والصين.
4- ترتبط كازاخستان مع روسيا بما يسمى "معاهدة الأمن الجماعي" ، وهذه المعاهدة بدأت أساساً بينها وبين بعض دول الإتحاد السوفياتي السابق في العام 1992، تحت مسمى "كومنولث الدول المستقلة" كمنافس لحلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي.
5- أعادت رابطة الدول المستقلة في أيار 2002 ، تسمية نفسها بإسم منظمة معاهدة الأمن الجماعي، مع التركيز المعلن على الحفاظ على السلامة الإقليمية، ويوجد سبع دول اعضاء في هذه المعاهدة، وهي على التوالي: روسيا، بيلاروسيا، أرمينيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجاكستان وأوزبكستان وتم وضع خطط طويلة الأمد لإنشاء قوة مشتركة للرد السريع لدعم "الأمن الجماعي". كما دعت الخطة إلى بنية دفاع جوي مشتركة وتنسيق السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية.
هدفت أحداث كازاخستان إلى حرف الإنتباه والجهد العسكري والأمني الروسي عن أوكرانيا، إضافة إلى زعزعة أمن وإستقرار الخاصرة المشتركة لروسيا والصين في المنطقة، حيث أن هذه الأحداث ترافقت مع التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية، والحديث عن نية روسيا مهاجمة الأراضي الأوكرانية وقلب النظام فيها لمصلحة نظام آخر موالي لها، وبذلك يقوم الغرب بإرباك الرئيس الروسي بوتين، بفتح جبهات أخرى تهدد محيطه الحيوي، وبنفس الوقت إرسال رسائل مفادها أن هناك العديد من الوسائل لمواجهة روسيا وتقويض سيطرتها في مناطق إهتماماتها، في حال تجرأت وهاجمت الاراضي الأوكرانية، وفي مقاربة للموقفين الغربي والروسي، يهمني إيضاح عدة نقاط هامة:
6- لن تسمح روسيا لأوكرانيا بأن تكون مصدر تهديد قريب عليها، من خلال إنضمامها لحلف الناتو، ونصب منظومات صواريخ إستراتيجية هجومية، أو قواعد أسلحة تقليدية وغير تقليدية.
7- تعتبر أوكرانيا منطقة إهتمام وتأثير روسي عالي المستوى، ومن خلالها قد يتم تهديد الأمن القومي الروسي، وكما يعلم الجميع فإن لدى روسيا موالين في الكثير من مناطق الداخل الأوكراني، لا سيما في إقليم دونباس، والذي يشهد حركة إنفصالية قوية.
8- لن تتوانى روسيا عن شن الحرب على أوكرانيا إذا إستشعرت الخطر الحقيقي، ولم تجد حلولاً ديبلوماسية مجدية، وهي قد إستكملت تحضير قواتها على الحدود من عدة جهات.
9- بدأت روسيا مناورات عسكرية مع بيلاروسيا، ما يؤشر إلى أنها لن تكون بمفردها في حال إندلاع الحرب مع أوكرانيا، وتدخل دول أخرى.
10- لا تستطيع أوروبا أن تدخل بمواجهة عسكرية مع روسيا، كرمى لخاطر الولايات المتحدة أو لأوكرانيا، وموقفها سيبقى موقف سياسي ديبلوماسي، سيكون سقفه الأعلى فرض عقوبات معينة.
11- تمتلك روسيا ورقة الغاز الذي تحتاجه أوروبا كثيراً، وإن أي إجراء تتخذه روسيا بقطع الغاز عنها سيتسبب بكارثة إقتصادية ومعيشية.
12- لن تتدخل أي دولة في قتال مباشر مع روسيا في حال هاجمت الأخيرة أوكرانيا، والذي على الأرجح سيكون هجوماً صاعقاً مترافقاً مع تحركات داخلية موالية، وسيستهدف العاصمة كييف مركز القرار، حيث من المرجح أن يكون الهجوم الرئيسي من داخل أراضي روسيا البيضاء بإتجاه العاصمة الأوكرانية.
13- أكدت تصريحات الديبلوماسيين الغربيين أن المساعدات لاوكرانيا ستقتصر على دعمها بالسلاح والخبراء، وكل ما يقومون به في الحقيقة بهدف رفع سقف المواجهةن ومن اللافت ان الأكثر حماساً للحرب هما الولايات المتحدة وبريطانيا.
في الحقيقة أن الولايات المتحدة منزعجة من التقارب الإقتصادي وتبادل الطاقة بين بعض الدول الأوروبية وروسيا، وهي تطرح نفسها كبديل لمصدر الطاقة لأوروبا بالرغم من الكلفة الأعلى والمسافة الأطول لخطوط الإمداد، كما أنها منزعجة أيضاً من إستقلالية القرار الأوروبي في الكثير من القضايا والأحداث الدولية، وهي بهذه الحرب ستعيد هاجس التهديد والخطر الروسي على الأمن لاوروبي، ما يجعل القارة العجوز تقع مجدداً في حضن السياسة الخارجية الاميركية.