#المغرّد
كتبت صحيفة "نداء الوطن" تقول: على خطين متوازيين يلتقيان عند هدف إجهاض التحقيق العدلي في جريمة المرفأ، يواصل "حزب الله" الضغط، سياسياً وأمنياً، لترهيب الحكومة والقضاء بغية دفعهما إلى الرضوخ لمطلب "قبع" القاضي طارق البيطار ونسف تحقيقاته، وسط حملات ممنهجة تقوم على سياسة "هدّ الحيطان" فوق رؤوس الجميع في البلد ما لم يتم الامتثال لهذا المطلب، مقابل معلومات قضائية متواترة قطعت الطريق على التسريبات الإعلامية التي تحدثت عن إمكانية تنحي القاضي البيطار من تلقاء ذاته، جازمةً بأنه "لا يعتزم التنحي".
وغداة موقعة الطيونة الدموية، وقبيل استكمال الأجهزة العسكرية والأمنية تحقيقاتها ومسحها لمسرح الأحداث، بادر "حزب الله" إلى رفع منسوب التوتر الداخلي مركزاً استهدافاته باتجاه "القوات اللبنانية" متوعداً بالثأر انتقاماً لمن سقطوا من عناصره نهار الخميس، انطلاقاً من تهديد رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" السيّد هاشم صفي الدين بأنّ "الحزب لن يترك دماء شهادئه تذهب هدراً"، واتهم بالمباشر "القواتيين" بقتلهم تنفيذاً لأجندة "الأميركيين في إحداث حرب أهلية". فكان الرد مباشراً أيضاً من رئيس حزب "القوات" سمير جعجع داعياً الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بأن "يتقي الله ويوقف تجييشه للفتنة"، بالتوازي مع تشكيكه الصريح بوجود نوايا خبيثة وراء اتصال رئيس الجمهورية ميشال عون به ليل الخميس، مؤكداً أنّ الاتصال "كان سيئاً… وما استنضفتو أبداً".
وإذ أوضح أنّ رئيس الجمهورية يتماهى مع "حزب الله" في الموقف من الهجوم على عين الرمانة، رأى جعجع أنّ عون اتصل به "عن سابق تصوّر وتصميم ليحطّ القصة عندي (…) ويُسمع من يريد إسماعه" بفحوى الاتصال، وشدد في هذا السياق على أنّ ما جرى عند مستديرة الطيونة كان بمثابة "7 أيار جديد عند المسيحيين" متصل بملف التحقيق العدلي في جريمة المرفأ، لأنه على ما يبدو هذه القضية سينتج عنها "فضائح كثيرة"، لافتاً الانتباه إلى أنّ من أفشل هذا الـ7 أيار الجديد هو "الشعب الحيّ في عين الرمانة"، وأضاف: "الشعب اللبناني ضاق ذرعاً بتصرفات "حزب الله" الذي يعتبر نفسه مقاومة ونحن لا نعتبره كذلك"، نافياً أن تكون "القوات اللبنانية" بصدد الدخول في أتون أي حرب داخلية "بس ما منقبل حدا يتعدى علينا".
وفي معرض دحضه حملة "الغش والكذب" من قبل "الأبواق والأوركسترا" التابعة لـ"حزب الله"، أعرب جعجع عن أسفه لتصريحات وزير الداخلية بسام مولوي الذي "تنطّح وهو مش عارف شي من شي"، كما استغرب أداء مخابرات الجيش في استدعاء أهالي عين الرمانة للتحقيق من دون استدعاء المسلحين الذين هجموا على بيوتهم. وفي هذا السياق، استعرض وقائع ما جرى على الأرض والتي كان "الجيش اللبناني شاهداً عليها منذ اللحظة الأولى"، فروى كيف بدأت الأحداث حين اخترقت "جحافل" المتظاهرين التابعين لـ"حزب الله" و"حركة أمل" أحد زواريب عين الرمانة بعدما "كسروا" أحد حواجز الجيش و"لزقوا عناصره بالحيط"، ثم باشروا عمليات التكسير بالسيارات والاعتداء على الممتلكات في المنطقة، ثم ما لبثت أن اندلعت نيران الاشتباكات "في مكان آخر كلياً"، واضعاً ما جرى في خانة "الدفاع عن النفس من قبل كل أهالي عين الرمانة".
جعجع الذي سخّف حضور "التيار الوطني الحر" في مشهد الأحداث على الأرض في عين الرمانة، ورأى أنه "لا حياة لمن تنادي" في ما يتعلق بموقف الرئيس ميشال عون إزاء تجاوزات "حزب الله"، لم يخفِ في المقابل تخوفه من محاولة "الالتفاف على قيادة الجيش اللبناني لأنّ العماد حوزاف عون صحيح أنه "عوني" لكنه شريف ولديه مبادئ"، معيداً التأكيد على أنّ قرار تكتل "الجمهورية القوية" لا يزال سارياً في ما يتصل بالدعوة إلى "الإقفال العام" في مواجهة استمرار "حزب الله" بمحاولة فرض رأيه بالقوة في ملف التحقيق العدلي بجريمة المرفأ.
أما على شريط ردود الفعل الخارجية حيال تفلت الأوضاع الأمنية في لبنان، فبرز موقف سعودي واضح في التشديد على وجوب "إنهاء حيازة واستخدام السلاح خارج إطار الدولة وتقوية الدولة اللبنانية لصالح جميع اللبنانيين"، كما جاء في بيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقبه تصريح على لسان وزير الخارجية فيصل بن فرحان يؤكد فيه أنّ "أحداث اليومين الماضيين تظهر أن لبنان بحاجة إلى تغيير حقيقي وجاد والمسؤولية تقع على عاتق زعمائه"، مشدداً على أنّ "الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان يتطلب التحرك الآن".
تزامناً، وفي حين أعاد الاتحاد الأوروبي تفعيل "الإطار العام للعقوبات على معرقلي العملية السياسية في لبنان"، جدد أمس التأكيد على ضرورة استكمال التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت بشكل "شفاف ومستقل من دون أي تدخل في الإجراءات القانونية لمحاسبة المسؤولين عن الانفجار". وكذلك أعربت الخارجية الفرنسية عن قلقها بشدة جراء أعمال "العنف" ميدانياً، وحرصت في الوقت نفسه على تذكير الحكومة اللبنانية بوجوب "التركيز على تنفيذ الإصلاحات الضرورية وخصوصاً قطاع الكهرباء".