#الثائر
فيما البلاد سائرة نحو المجهول ولا آفاق واضحة للمرحلة المقبلة، يتركز اهتمام السلطة على إنقاذ نفسها، وسط إفلاس في التوجهات والخيارات، أما ما يتردد عن حكومة "إنقاذية" فليس بأكثر من ذر الرماد في العيون، فالأزمة ضاغطة والمشاورات قائمة والإستشارات النيابية مؤجلة الى ما بعد التوافق على شكل الحكومة الإقتسامية التحاصصية مع تعديل "مدني حراكي" لن ينطلي على المتمسكين بإسقاد الفساد ورموزه.
تجني السلطة اليوم ما زرعته بالأمس، فاسدون لم يسائلهم أحد، في وقت ظن فيه اللبنانيون أنهم على أعتاب مرحلة جديدة، فإذا بهم في مواجهة مرحلة أسوأ من سابقاتها، بغض النظر عمن حال دون مكافحة الفساد والفاسدين، وإذا عدنا إلى الوراء قليلا، يمكن تبين موقف "الثائر" althaer.com من مجمل الإشكاليات السياسية التي اتسمت بها المرحلة السابقة.
لن نتحدث إلا عن موقف بعض قوى السلطة في موضوع الشأن الدرزي، وكيف "حشرت" نفسها في تفاصيل حذرنا وقتها من أن من يدنو من خصوصية هذه الطائفة تحرقه نارها، ولم ينصت أحد، لا بل ظن كثيرون أننا نمالىء رئيس " الحزب التقدمي الإشتراكي " وليد جنبلاط، علما أن موقفنا كان واضحا وما يزال لجهة أن كل من هو في السلطة شريك في الفساد، أي كافة الأحزاب والقوى الطائفية، وكل منظومة الفساد هذه بسائر تلاوينها وتوجهاتها، وكنا نضيء على ثغرات كي لا تغرق السلطة وتضيع في متاهاتها ومنعرجاتها، وقد ضاعت.
لا تصطلح السياسة بالمناكدة وتصفية الحسابات، وهذا ما فعلته السلطة جهارا نهارا ضاربة عرض الحائط نتائج الانتخابية النيابية، وآثرت تعويم النائب طلال أرسلان درزيا علما أنه وصل إلى الندوة النيابية بالمقعد الشاغر كما في كل مرة، وأصرت على وهبه ثلاثة نواب ليشكل "كتلة نيابية" لزوم التوزير والمناكدة، و"شرعنة" حضور الشيخ نصر الدين الغريب المسمى من خلدة، فيما ثمة شيخ عقل أصيل حاء بالانتخاب من قبل المجلس المذهبي المنتخب من الدروز، وإذا كنا نستعرض هذه الأمور، ليس قصدنا النيل من أرسلان ولا الغريب، وإنما نتحدث عن أخطاء ارتكبت.
هذا نموذج من عشرات الأمثلة، نماذج شكلت أكثر من سقطة للسلطة، وأبعد من تعاطيها في الملف الدرزي، ومن لا يذكر، مرات كثيرة أكدنا أن لبنان لا يقوم إلى على التوافق، فيما لا تزال المناكدة قائمة على مختلف الجبهات الداخلية حتى اللحظة، خصوصا وأن تأخر بدء المشاورات حتى اللحظة لا يبشر بالخير، ويشي بأن السلطة لم تستفد إلى الآن من تجارب السنوات الثلاث الماضية، سلطة ناكدت جنبلاط و"نفخت" أرسلان هي سلطة أعجز من أن تكافح الفساد!