#الثائر
فيما البلاد تواجه استحقاقات خطيرة وسط "مجهول" ينتظر الجميع، وفيما تشي كل المؤشرات والتقديرات بأن لبنان بات على نصف خطوة من انهيار اقتصادي ومالي، وفيما خفضت "وكالة موديز للمستثمرين" Moody's، يوم الثلاثاء التصنيف الائتماني للبنان مرة جديدة، ليصبح Caa2 بدلا من Caa1، وفيما الاحتجاجات الشعبية ضد الطبقة السياسية واتهامها من قبل المتظاهرين بالفساد وتحميلها مسؤولية تردي الأوضاع في البلاد مستمرة للأسبوع الثالث على التوالي، لم يجد الوزير السابق بيار رفول ما يقارب به الأزمة الراهنة إلا التصريح بأن "الموقوفين في قضية قبرشمون (البساتين) أقروا في التحقيق أنهم كلفوا باغتيال جبران باسيل".
حرية الرأي مصانة، ولأي مسؤول أن يصرح ويدلي بقناعاته، لكن من حق أي مراقب أن يسأل ويتساءل لماذا استعادة قضية قبرشمون في هذا الوقت بالذات؟ خصوصا وأن واقع الحال يتطلب تكثيف الجهود وردم الهوة بين جميع المسؤولين لملاقاة الأزمة المستعرة في الشارع، وتاليا، تعيش البلاد فراغا حكوميا في وقت تواجه السلطة إرباكا أفضى إلى تأخير الاستشارات النيابية لأكثر من عشرة أيام، إلا إذا كان المقصود من إثارة قضية قبرشمون في هذا الوقت بالذات، تسريع إعلان الاستشارات النيابية وتكليف رئيس حكومة يبادر فورا لإعداد تشكيلة وزارية، وإحداث صدمة إيجابية إنقاذية.
وأمام هذا الاستحقاق الجلل، اقتضى الأمر رفع السرية عن التحقيق خلافا للأصول القضائية المعمول بها، وقفزا فوقها، ربما من باب مكافحة الفساد وعدم التدخل أو التأثير على القضاء، ويبدو أن سرية التحقيق لم تحل دون اطلاع رفول على نتائجها، ولا نعلم بأية وسيلة، وكيف انفتحت أمامه بوابة القضاء ليدلي بدلوه في تجاوز صريح للسلطة القضائية المنوط بها وحدها إصدار الأحكام.
حيال ما نواجه من مخاطر، من حق أي مواطن أن يسأل، هل يمكن للبنان أن يسلك طريق الدولة الشفافة القوية بالحق والعادلة بالإنصاف؟ ومن يحمي السلطة القضائية من تدخل السياسيين؟
لا نملك وسط كل ذلك إلا تبني ما قاله بالأمس تغريدا النائب اللواء جميل السيد: "فجأة هطلت بغزارة كل ملفات الفساد المتراكمة منذ سنوات في جوارير القضاة، فجأة شربوا حليب السباع وأصبحوا فوق السياسة! هل نزل عليهم الروح القدس بين ليلة وضحاها؟ هل سمعوا صرخة الناس وإستفاقوا؟ لا هذا ولا ذاك، هي ملهاة للناس، إلا إذا رأيتم رؤوسا كبيرة في السجن، وهذا ما لن يحصل "!