#الثائر
- اكرم كمال سريوي
لقد بدا للحظة، ان الشعب اللبناني استفاق من سباته، وخرج من سجن التبعية العمياء، والمذهبية البغيضة، التي شرذمته وقسّمته فئات متناحرة ومتقاتلة لسنوات طِوال. وكبر الأمل بثورة شعبية حقيقية، تُسقط نظام الفساد، والسياسات العشوائية المتنقّلة بين فرض الضرائب والاستدانة وهدر المال العام .
لقد قدّمت السلطة في لبنان، أسباب عديدة لنجاح الثورة الشعبية، وانفجار الشارع بوجهها. فهي لم تنجح في تنفيذ اي وعد بالإصلاح، وحقنت الشارع بالخطاب العنصري المذهبي، وهذه لغة يمقتها معظم اللبنانيين، رغم استجابة البعض الغرائزية لها. وزاد الامر سوءاً، باعتمادها موازنات ترتكز الى فرض بل وابتداع الضرائب الجديدة، التي أنتجتها عقول بعض التجار في الحكومة، وخلو هذه الموازنات من اية إصلاحات حقيقية وجوهرية، تعالج الأزمة الاقتصادية التي وصل اليها لبنان .
تسابق السياسيون بالتبشير بالإفلاس والانهيار، وربما رأى بعضهم في ذلك خلاصاً لنفسه، يعطيه صك براءة مما وصلت اليه البلاد، ويُعفيه من المسؤولية، فنسي ان واجبه الاول، معالجة مشاكل الناس، وإيجاد الحلول للأزمات، وليس الترويج لها او التنبؤ بحصولها. وان ابسط قواعد العمل في الشأن العام، هي تحمّل تبعية أعماله، وقبوله المساءلة امام القانون والرأي العام .
نجت الحكومة في دفع الشعب الى الثورة، وتوحيده خلف المطالب الحياتية. لكن كيف ومَنْ اسقط هذه الثورة في فخ الشغب، لتتحول الى أعمال حرق ونهب وفوضى، لا تقلُّ بشاعة عن اعمال المسؤولين، الذين اساءوا استخدام السلطة، ولم يحافظوا على الوطن.
غداً يوم آخر، ستلجأ خلاله السلطة لقمع التحركات، وفرض الأمن بالقوة، وهو بالطبع مطلب محق لكل من احب لبنان، ويرفض ان ينزلق هذا الوطن الى الفوضى، ويأبى ان تتحول التظاهرات من احتجاجات مطلبية محقّة، الى وسيلة لتدمير الوطن ودفعه الى الهاوية، فيحدث الانهيار الاقتصادي، في لحظة حرجة، تتمكن فيها الطبقة السياسية الحاكمة، ان تتنصل من مسؤولياتها، وإلقاء التبعية على الشعب وما احدثه من شغب .
تحية الى كل المتظاهرين الذين يريدون خلاص لبنان، ويرتقون فوق المذهبية والمناطقية، ويسعون لبناء دولة علمانية ، يسودها العدل والمساواة، وتحترم حقوق الانسان. ونعم ودعوة الى اتحاد ثقافي من اجل لبنان، ولا للفوضى والمخلّين بالامن، فهؤلاء يريدون إسقاط ثورة الشعب، لخدمة مصالح فئوية خاصة، تخدم بعض من هم في السلطة الآن، وتُعزّز مواقعهم وقدرتهم على الاستمرار .
حذار أيها اللبنانيون من المندسين، ولا للانجرار الى الفوضى والشغب، فمن يريد خلاص لبنان، يسعى للحفاظ عليه، وليس الى تدميره وحرقه. وتذكّروا ان أولى واجبات القوى الأمنية، هي الحفاظ على الأمن، فإذا سقط الامن سقط الوطن .