#الثائر
– محرر الشؤون العربية والدولية
مرة جديدة تتخلى الولايات المتحدة الأميركية عن حلفائها، تتركهم مكشوفين لنار تلتهم تراب الأجداد وتجتثهم من جذورهم بذريعة مواجهة "الإرهاب"، فيما ليس ثمة من إرهاب أكبر ساعة تجتمع الدول الكبرى على ذبح الأكراد، فاسحة المجال لتسطير مجزرة جديدة في تاريخهم المرسوم بالموت والدم، من العراق إلى سوريا وتركيا وإيران، في هذا المدى الحالم بوطن وهُوية، فيما ثمة شعب استقوى العالم على أحلامه وأمعن به نحرا منذ عقود طويلة، ولا رف جفن سابقا ولا يرف اليوم على وقع المذبحة.
لا صاحب ولا صديق للولايات المتحدة الأميركية، هذا ما أكدته الأحداث والتطورات الأخيرة وقبلها وسط سياط "الحرب البادرة"، لكن ماذا عن باقي الدول؟ وكيف تواكب وتقارب ما يحصل في الشمال السوري؟ وهل يمكن أن يجتمع العالم على السماح بإبادة شعب؟
فيما يتوغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قاضما أراض سورية، ثمة من هو موافق ضمنا ويساعد ضمنا، وبعض رؤساء الدول يمسكون العصا من الوسط، وفي مقدمهم روسيا، خصوصا وأنها "تفهمت" جيدا الهواجس الأردوغانية من خاصرة مصالحها، لا سيما وأن ثمة مليارات من الدولارات يسيل لها لعاب الكرملين كرمى لـ "عيون" صواريخ "إس 400"، فيما العين الأميركية على ملايين مماثلة كرمى لــ "عيون" أنظمة "الباترويوت" المحدثة، هي حرب مصالح من الاقتصاد إلى الاقتصاد، من الموت إلى الموت ومن الدم إلى الدم.
وعلى وقع الغارات والقصف تهاتف واشنطن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهددة بالإقتصاد تارة، ومبدية خوفها على قيادي "تنظيم الدولة الإسلامية" ( داعش ) تارة أخرى، خصوصا وأنه في الاستراتيجيا الأميركية لم ينتهِ الدور الوظيفي لـ "داعش" وأخواته، أما أوروبا "عصر الأنوار" والديموقراطيات العريقة وحقوق الإنسان، ففي واد آخر، مواقف مخفورة بحياء يبقيها شاهدة زور لا أكثر، وهي التي واكبت المجازر بحق اليزيديين والمسيحيين في العراق وسوريا بالدعوة لاستقبالهم ومنحهم جنسيات دولها.
عالم لا يقيم اعتبارا إلا للمصالح، يلتقي الخصوم وتتقاطع الأهواء، وأميركا لا تعرف لها صاحبا، وتحذو الدول الكبرى حذوها، وكأن ترامب ليس الوحيد في براغماتيته الفاقعة، والمشكلة أن الكل "يفهم ويتفهم" هواجس "الطيب أردوغان"، لكن إلى الآن، ومنذ مئات السنين ليس ثمة من "يتفهم" القضية الكردية، ولا يبالي بمذابح ترتكب في القرن الحادي والعشرين، عالم يترنح فقد صلاحيته الإنسانية منذ أمد بعيد!