#الثائر
- * " فادي غانم "
فيما يتحدث المسؤولون عن إجراءات غير شعبية في سياق مواجهة الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب، والحد من تداعياته ضمن رزمة من الإجراءات التقشفية، لا يزال البذخ حاضرا في كل ما له صلة بامتيازاتهم، وقد توافقوا ضمنا على عدم المس بها، لا بل أعرضوا عن مناقشتها باعتباراتها "مكتسبات" غير خاضعة لمراجعة وتدقيق، أو ترقى لـ "قدسية وقداسة" كأنها بعض عطايا وتقديمات إليهة، أما "شد الحزام" فمطلوب من الناس، ومن الناس فقط، من المواطنين غير القادرين على مواجهة الحد الأدنى من أعباء الحياة ويكابدون الصعوبات كي لا يظلوا واقفين.
في دول العالم التي واجهت ظروفا اقتصادية مماثلة لما نواجهه اليوم في لبنان، وربما أصعب، بدأ التقشف من الأعلى، من كافة مواقع السلطة، قبل أن تكون ثمة إجراءات غير شعبية تطاول المواطنين، وأيضا في دول العالم نجد مسؤولين يستقلون وسائل النقل العامة، مسؤولين يستقلون دراجات هوائية، مسؤولين يتوقفون عند شارة المرور الحمراء، وإذا خالفوا تسطر بحقهم مخالفة تكون مقدمة لرفع الحصانة عنهم وإقالتهم، لأن من يتجاوز القانون ليس أهلا لتحمل المسؤولية.
في دول العالم المسؤول موظف لا أكثر ولا أقل، يتقاضى راتبا من أموال المكلفين ودافعي الضرائب، وفي دول العالم أيضا لا امتيازات لمسؤول، لا إسراف ولا تبذير، لا مواكب سيارات بأبواق خطر تصم الآذان وترعب الناس، وفي دول العالم لا يجرؤ مسؤول على مخالفة قانون السير، ولا يتجاوز موكبه الناس وهم متوجهون إلى أعمالهم، ولا أسلحة من مرافقين تشهر على الناس من نوافذ السيارات ويطلقون أقذع العبارات والشتائم بحق امرأة لا حول لها ولا قوة، أو بحق مواطن تخطى الخمسين من عمره ويعامل دون القليل القليل من الاحترام.
إلى الآن لا نشعر أننا في رحاب دولة، ما نزال دون الدولة مرتبة، وكأننا في مقاطعات سائبة، يحكمها قانون الغاب وتسود فيها شريعة الأقوى، وثمة من يريد أن يقنعنا أن مسؤولينا يواجهون مشقات ويريدون لنا أن نصدق أنهم بصدد أن "يشيلوا الزير من البير"، فيما السياسة في لبنان تحولت نوعا من السياحة والرفاهية من "كيس" الناس ومن عرقهم ودمهم، وممنوع المس بامتيازات من الخدم إلى المرافقين والطباخين ومرافقي الأولاد و"الست"، وكأن من نذر حياته لخدمة لبنان على الحدود مطلوب منه أن يشتري "شوال بطاطا" و"كرتونة بيض" لـ "المدام".
شدوا أحزمتكم أولا، أما الناس فلهم الله وهو على كل شيء قدير، أو بمعنى "غير شعبي" السياسة في لبنان تكاد تكون نوعا من السياحة والترفيه ومخالفة الأنظمة والقوانين، وما على المواطن إلا أن يشد الحزام!
*الحاكم السابق لجمعية أندية الليونز الدولية – المنطقة 351 (لبنان، الأردن، العراق وفلسطين)
*رئيس " جمعية غدي "