#الثائر
لا تزال الشفافية غائبة والشعبوية حاضرة، ولا بصيص أمل يضيء ولو مدخل النفق، فقط "لتّ وعجن" ومزايدات فيما التنظير سيد المواقف ولا من يتفكر ويتعظ من دروس ندفع بسببها أكلافا وأثمانا باهظة، ولا سيما في موضوع النفايات، ففي السابق شرعت الدولة لـ "سوكلين" نهب موارد المجالس البلدية، وكانت تستهلك موازنات البلديات بنحو 60 وأحيانا 70 بالمئة فتراجعت التنمية لصالح جمع ونقل ومعالجة القمامة، واليوم لا شيء تغير، باستثناء أن "سوكلين" باتت خارج المشهد، وثمة شركات تقوم بالمطلوب وأكثر، نهبا وسرقة، لا بل ثمة مافيات بدأت تعمل تحت جنح الظلام، وهذا ما نشهده مع مسلسل رمي النفايات وإضرام النار فيها في أكثر من منطقة.
ومن المهازل الماثلة اليوم الحديث عن معامل معالجة، لكن لم نعلم إلى الآن سبب وقف وتعثر العديد منها، وبعضها متوقف عن العمل، وكأن ثمة خطة ممنهجة لإفشال أحد الخيارات الضرورية والمطلوبة في سياق الخطة الوطنية لمعالجة النفايات ، وإذا كان ثمة من يريد إفشال هذا الخيار فما الجدوى من طرح بناء معامل جديدة؟ ولماذا لا يتم تفعيل المعامل الموجودة؟ ولماذا ما يزال لبنان عاجزا عن تسبيخ نفاياته؟ وتاليا أليس ثمة استهتار في موضوع التخفيف والاستعادة وتشجيع إعادة التدوير؟
تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن كثيرين يؤثرون تكبير الحجر بحيث لا يتمكنون من تصويبها على الهدف، علما أن الحديث عن الفرز من المصدر الذي كثر في الآونة الأخيرة يتطلب آليات عمل واضحة وبرامج لتحفيز المواطنين عبر حزمة من التقديمات، ففي تركيا، انطلقت قبل أسبوع في إحدى المدن خطة لمساعدة العائلات الفقيرة، اعتمدت على حث الناس على فرز القمامة وتقديمها للجان مختصة تقوم بقياس وزنها، وبحسب الكمية يحصل المواطنون على خبز ومواد غذائية، هذا مثال ليس أكثر، وفي دول أوروبية تحصل ربات البيوت اللواتي عمدن إلى فرز النفايات على منظفات مجانا.
الكلام لا يسمن ولا يغني من جوع، وفي هذا السياق، علم "الثائر" althaer.com أن إحدى الجمعيات البيئية بصدد إعداد قاعدة بيانات حول ملف النفايات في لبنان، ومن المتوقع أن تنطلق من قضاء المتن، خصوصا وأن هذه المنطقة تتحمل القدر الأكبر من تبعات كارثة النفايات في لبنان مع استباحة الشواطئ عبر مطمريْ الجديدة وبرج حمود، ومع الحديث عن إنشاء معامل معالجة، فهل ستتمكن الدولة من طمأنة الناس إلى حسن إدارتها؟
حتى الآن، ما هو قائم ليس بأكثر من كلام بكلام، بانتظار أن تقدم الجمعية التي أخذت على عاتقها إعداد دراسة ميدانية تصورا بالاستناد إلى واقع البلديات في قضاء المتن وكيفية معالجة نفاياتها والكلفة التي تتكبدها، فضلا عن الوقوف على تجارب قائمة في موضوع المعالجة المتكاملة، ومعرفة الثغرات والنواقص، فعلى الأقل هذا ما هو مطلوب اليوم، كي لا يظل لبنان في موضوع ملف النفايات يراوح بين الارتجال والفوضى!