#الثائر
عادة إذا رفع الزعيم "عصا" ورشحها للنيابة تفوز على أقوى المرشحين الحقيقيين، ولنقل الأمور صراحة كما هي، إذا رفع زعيم ظل رعايته عن أي من المحسوبين عليه لا يعود بينهم من يمثل حيثية اجتماعية، وكي لا يظن البعض أننا نفتئت على مسؤولين "يبعطون" بين ظهرانينا كذكور النحل، لا عسل ولا إنتاج، فقط طنين يثقب الآذان، نسأل أين أصبح نواب ووزراء سابقون رفعت عنهم هالة الزعيم يوم سحب دعمه لهم، أو لما صدق بعضهم أنه ذو حيثية تمكنه من التواجد على ساحة العمل السياسي دون دعم ورضى ولي النعمة.
ثمة أسماء كثيرة، يتذكرها القارىء دون الحاجة لذكرها، ومن كل القوى السياسية ومختلف التيارات والطوائف والإتجاهات، علما أن هؤلاء خسروا فعلا مواقعهم لكنهم كسبوا أنفسهم، وما عادوا يمشون مطأطئي الرؤوس دأبهم تقديم الطاعة العمياء، وتنفيذ الأوامر دون مناقشة وإبداء الرأي، وأنّـــى كان وضع هؤلاء، توافقهم الرأي أو تعارضه، فالمسألة سيان، يكفي أنهم تمردوا، وتخطوا الحالة المترهلة في بلد يحكمه رؤساء العشائر الطائفية.
لو نظر أي مسؤول إلى ما يمثل من حيثية سياسية لكان أجدى به أن يحمر خجلا لا أن يعيرنا طرف عينيه وكأنه يقول "شوفوني" وهو بكامل قيافته، مع نظرة فيها من العنجهية الفارغة ما يثير الضحك في النفوس، خصوصا وأن بعض هؤلاء يبدون وكأنهم يتشممون روائح كريهة وهم ينظرون إلى الناس من علِ، أو أننا نحن مجرد غنم في قطيع ودونهم ثقافة ومعرفة، وبينهم من لم يقرأ أكثر من كتبه المدرسية، ويدعي فهما وبعد نظر، فيما لا يرى أبعد من أرنبة الأنف أو من نظارات إذا كان شحيح البصر لا يرى الأحجام الحقيقية للناس، أولئك الذين يملكون إلا أن يقولوا "لا" مدوية لكل هذا الطقم السياسي، وبالتأكيد لا نعمم لكن للأسف الإستثناءات قليلة جدا.
وللمفارقة، يقال إن ثمة زعيمين لبنانيين ما كانوا يضعون على سياراتهم اللوحة الزرقاء، هما الراحلان كميل شمعون و كمال جنبلاط ، صحيح أن المقارنة لا تصح بين أولئك وهؤلاء، وشتان بين الثرى والثريا، لكن هذا مثال يدل على مدى تراجع القيم السياسية، في دولة لا يصل فيها إلى مواقع القرار إلا من هم تابعون، أي أولئك الذين لا يعدو حضورهم أكثر من ظل زعيم وقائد ومفدى.
إذا نظرنا إلى واقعنا السياسي اليوم، نجد أن ثمة نائبا واحدا في لبنان استحق شرف النيابة وتمثيل الناس، نعم ثمة نائب واحد وصل متحديا قاطرات الطوائف، ونقصد هنا بولا يعقوبيان ، نائبة عن الناس وللناس وإلى الناس!