#الثائر
- اكرم كمال سريوي
ارتدت الاندفاعة الاميركية سلباً عليها، فأصبحت صاحبة أقوى اقتصاد في العالم، تعاني من انعكاسات سياستها المتهورة، مع الرئيس ترامب، الذي وزّع العقوبات والانتقادات بالجملة. بدءاً من روسيا، والصين والهند وكوريا الشمالية وإيران، وصولاً الى الحلفاء، مثل تركيا وفرنسا وألمانيا والسعودية وحتى اليابان .
لم تنجح العقوبات الاميركية، في كبح جماح روسيا، بل على العكس، شهد صيف 2019 نقلة نوعية ، جعلتها تصبح محط إنذار العالم ، وملاذاً لعدة دول ، كانت بالامس القريب تابعة او ملتصقة بالولايات المتحدة الاميركية. فشارك الرئيس التركية ب الطيب اردوغان، شخصياً في معرض الطيران، الذي أُقيم في موسكو منذ ايام ، وأبدى اهتماماً في المنتجات العسكرية الروسية، سائلاً الرئيس بوتين، عن المقاتلة المتفوقة سو -57 ، عندما تفقداها معاً. وكذلك فعل رئيس وزراء اليابان سينزو آبي، ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، فشاركا في منتدى الشرق الأقصى. وعقدت الهند مع روسيا صفقة شراء أسلحة بقيمة 14,5 مليار دولار. وبعد ان أتمت تركيا شراء منظومة اس -400 بدأت مناقشات لشراء مقاتلات سو-35 و سو -57، كبديل عن طائرات أف -35 الاميركية، وعرضت فرنسا تعاوناً عسكرياً واقتصادياً مع روسيا، وهكذا فعلت ألمانيا، وحتى ان بعض الشركات الاميركية، بدأت تسعى لعقد اتفاقات استثمار مع روسيا .
"روسيا مفتوحة امام اصدقئنا وشركائنا الأجانب"، بهذه العبارة اعلن الرئيس الروسي، فتح باب الاستثمار الأجنبي في بلاده، خلال مؤتمر الشرق الأقصى منذ ايام، والذي فاق عدد المشاركين فيه، الخمسة آلاف مؤسسة وشخصية رسمية، وسجل نجاحاً مميزاً، على طريق نمو الاقتصاد الروسي، الذي سيصبح من بين اكبر خمس اقتصاديات في العالم مع حلول العام 2024 .
الروبل بدلاً من الدولار، هكذا ستسدد تركيا ثمن مشترياتها من الحبوب الروسية. وبهذه الخطوة تكون قد بدأت سياسة مالية جديدة، افتتحتها روسيا، وستنظم اليها عدة دول اخرى، مثل الصين والهند وايران وتركيا، في محاولة للتخلص من هيمنة الدولار، على سوق المعاملات التجارية الدولية، ولتعزيز دور العملات الوطنية للدول الصناعية الكبرى. مما يسمح لاحقاً، بتقليص تأثير اي عقوبات اميركية على هذه الدول .
لقد عمدت روسيا بعد فرض العقوبات عليها الى تعزيز صناعاتها، وزيادة كميات الانتاج، كي تعوّض ما كانت تشتريه من الخارج. فاسهم ذلك في تعزيز نموها الاقتصادي، وأصبحت الآن في المركز السادس عالمياً، ويتوقّع الخبراء الاقتصاديون ، ان تتفوق على ألمانيا في فترة قريبة .
فهل سيتفكك حلف شمالي الأطلسي، بعد الأزمات والخلافات الاقتصادية ، بين أعضائه؟.لم تنجح الولايات المتحدة، في منع اردوغان، من شراء السلاح الروسي. ولم تنجح ايضاً، في ضم عدة دول من الحلف الأطلسي، الى قوة حفظ امن الملاحة، في مضيق هرمز، التي ارادت تشكيلها. ولم تنجح في محاصرة روسيا، ومعاقبة الصين، وتأنيب الهند واليابان، وازدراء فرنسا ورئيسها ماكرون .
كل هذه السياسات الاميركية، أبعدت عنها الأصدقاء ، وشدت عصب الخصوم. لنصبح على مشارف مرحلة جديدة، باتت تُنذر بصراع اقتصادي كبير، قد يخلق أزمة عالمية، لن تجد لها مخرجاً، سوى باستعمال الآلة العسكرية، التي أصبحت تتصدر السلع التجارية المتبادلة عالمياً، والتي سجلت فيها روسيا تفوقاً ملحوظاً .