#الثائر
"ناصري" غير عتيق، نَعُمَت أظافر يديه وقدميه مؤخرا، يفهم "الناصرية" منصة وشعارا ومجرد عدة شغل لطموح سياسي، هو في الغالب الأعم طموح غير مشروع، عينه من الآن على رئاسة الحكومة، ويدعو من باب التذاكي فوق العادة لاستقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، ومن قبيل أن المرحلة التاريخية والمفصلية والحساسة والدقيقة تتطلب حكومة إنقاذ اقتصادية، بالتأكيد لم يطرح نفسه بديلا، ولكن في كلامه ما يوحي "إنني هنا"، وبعض الأحلام كارثية لا تقتصر أضرارها على لبنان فحسب، وإنما تطاول من يمثلون الشارع السني بالأرقام والبينات وصناديق الاقتراع، موالين للحريري أم معارضين له؟
كان يمكن أن يمر الخبر مرور الكرام لو لم يأتِ مستفزا جالبا ما يشبه النكد ومعكرا لمزاج خاص وعام، صحيح أن ما سيق من كلام لا يُبنى عليه وليس ذات بال، ولكنه مؤشر خطير على تراجع العمل السياسي في لبنان إلى مستوى "زاروب" و"شارع"، ما يطرح كذلك إشكالية حول مفهوم "الناصرية"، وارتباطها بالسنة دون غيرهم، وتقزيمها إلى حدود توجهات شوفينية، خصوصا وأن جل الحركات السياسية المرتبطة بـ "الناصرية" لم تقدم مراجعات نقدية لمجمل تاريخ هذه الحركة منذ نشوئها في مصر مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.
لسنا الآن في وارد نقد التجربة وتقييم نتائجها وارتداداتها وآثارها عل الساحتين اللبنانية والعربية، لكن نلمِّح إلى تراجع العمل السياسي في لبنان وانكفائه إلى حدود كارثية، تعكس ما أصاب الساحة الوطنية من هُزال وتراجع، لا سيما وأن ما يصح سنيا، يصح كذلك على مستوى سائر المكونات الطائفية والمذهبية في لبنان، علما أن "الناصرية" تحولت شعارا مخادعا، يحتمل تلاقي التناقضات بين معاداة إسرائيل ومعاداة إيران، وهذا قمة السقوط على مستوى التجربة "الناصرية" عموما.
لا نتحدث بالتأكيد عن "الناصرية" المرتبطة بنوستالجيا الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، برغم ما أصابها من نكسات وإخفاقات، من هزيمة 1967 إلى حرب اليمن وزج المصريين المعارضين في السجون وقمع الحريات، وإنما نتحدث عن التوظيف في نطاق ساحتنا اللبنانية، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى توجهات سياسية قابلة للحياة أبعد من حدود طوائف ومذاهب بعينها.
أما التصويب من داخل الطائفة السنية على الرئيس الحريري فلا يخدم إلا أجندات خارجية، ويأخذنا إلى الانقسام بين محورين نقيضين، بين من يريد التطبيع مع إسرائيل من ضمن صفقة القرن، وبين من يسعى إلى جر لبنان أكثر إلى أتون الصراعات في المنطقة.
هو واقع لا نحسد عليه، خصوصا حين نرى الناصرية اللبنانية في ميزان إسرائيل... وإيران!