#الثائر
لبنان دولة نفطية، أو بتوصيف أدق، لبنان في طريقه نحو الدخول إلى نادي الدول النفطية، استخراجا وتصديرا "آخر خبر في الراديوهات وفي الحواري وعالقهاوي وعالبارات" (مقطع من أغنية للشاعر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام)، إنجاز ما بعده تلويث، إنجاز ما بعده فساد، إنجاز ما بعده تحاصص وهبش ونتش وقضم وكدش، شفافية النفط أو نفط شفاف لا فرق، غيلان السلطة سيتغولون أكثر، وستختفي الرقاب من سمنة و"سيتكرش المتكرشون أكثر" مثل ذاك الذي "تكرش بالصدف البحري Fruit De Mer حتى عاد بلا رقبة"، (من قصيدة لمظفر النواب)، وما للشعب إلا الفتات إن بقي من الفتات قنينة كاز وعبوة غاز وكِسرة خبز تُلقى كنوع من مقبلات لشعب ينوء تحت ثقل مئة مليار دولار، هو دين عام زورا، ذلك أن منه الكثير هبش خاص ودهاء لبناني توازن طائفيا بعدالة السماء السابعة وأبعد منها.
ما يراه سياسيون ومواطنون إنجازا نرى فيه نكسة، ومن مفارقات الصدف، أنه توازيا مع إعلان الموافقة على نتيجة المناقصة الدولية الخاصة بحفر أول بئر في البلوك رقم 4، وزيارة الشركة المعنية لبنان الاسبوع المقبل لبدء التحضيرات، غرد نائب من أهل السلطة (شاهد من أهله) متحدثا عن فداحة ما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، متسائلا: "أين مؤسسات الرقابة لتلجم جشع بعض التجار؟ اين المحاسبة لكبح جماح الحيتان ومنع انزلاقنا نحو الأسوأ. اما آن الاوان لوضع حد للفساد الذي ينهش جسد اللبنانيين لتزداد ثروات البعض؟".
"حيتان" وسط نظام تحاصصي طوائفي، والنفط ثروة مبددة قبل استخراجها، نقمة جديدة يخطىء من يظن أنها ستجلب للبنان الخير والرفاه، دولة "عالقياس" أعجز من أن تدير ثروة، أما الانهيار ربما يتأخر إن بقيت السلطة تحاصصية على غرار ما شهدنا ونشهد في تعيينات الطوائف، فهل يكون النفط استثناء؟ أم سيكون بعضا من ثروات في دولة عاجزة عن استعادة حقها المسلوب وبينها من استباح الأرض والبحر.
من يعلق آمالا على أن ينتشلنا الغاز من وعثاء القهر والفساد، وكم يصح فينا المثل الشعبي "يا طالب الدبس من ... النمس"، تفاءلوا بالخير ولن تجدوه، ولا تبيعوا اللبنانيين وعودا نفطية، النفط لا يصلح للأكل، واللبنانيون على بعد لقمتين من الجوع، تزيد الثروة يكثر الاستزلام، وتكبر الزعامات وتضمر الدولة، والدولة ضامرة، مستباحة العدل والقسط بين مقتسمي السلطة ومكاسبها، والسلطة مفسدة وفي لبنان جالبة أكثر من الفساد، الفساد وأبناء عمومته وكل الأقارب والعقارب عدا الحيتان والغيلان وما بينهما!