#الثائر
"ستحضرون بثا مباشرا لتدمير ألويتكم وفرقكم إذا دخلت إلى الجنوب مرة أخرى"، كلمات واضحة قالها الأمين العام لـ " حزب الله " السيد حسن نصر الله في ذكرى الانتصار على إسرائيل في حرب تموز (يوليو) 2006، وهي بالتأكيد ستلقى صدى واسعا لدى كيان العدو وسط متغير لم تتوقعه إسرائيل يوما، إنها معادلة القوة والعين التي قاومت المخرز وسقوط مقولة "قوة لبنان في ضعفه"، ومعها ولى زمن الهزائم واستباحة أرض لبنان ومؤسساته ومرافقه وتشريد أهله وتدمير قراه، لا حروب إسرائيلية "تأديبية" للبنان، ولا ضربات عسكرية استباقية تستهدف مناعته وقوته.
بكل هذه الإيجابية تلقفنا خطاب السيد، لكن من يطمئن اللبنانيين إلى غدهم ومستقبلهم، وهل يمتلك "حزب الله" حق أخذ لبنان إلى متاهات المنطقة فيما لو نشبت حرب أميركية - إيرانية؟ هذا التساؤل يقود إلى تساؤل آخر، من يمتلك قرار الحرب والسلم في لبنان، "حزب الله" أم الدولة؟ وهل يتحول السلاح من عامل استقرار للبنان إلى ربط اللبنانيين بأجندات المنطقة، بغض النظر إن نشبت حرب أم لا؟
هذه الأسئلة أجاب عنها نصر الله في حدود من شأنها أن تريح الساحة الداخلية، وهذا أمر يؤكد أن الحزب قادر على ملاقاة هواجس القوى السياسية والناس، وبالفعل فقد اتسم خطابه بالتهدئة سبيلا وحيدا ليعود لبنان إلى كنف الدولة، وقد بنى على ما استجد من مواقف إيجابية، خصوصا لجهة تثبيت أجواء المصالحة الرئاسية المتصلة بحادثة قبرشمون، الأمر الذي من شأنه أن يعزز القدرة على العمل، وتاليا الانصراف الى معالجة القضايا الملحة أولها انتشال الاقتصاد من عثرته، فضلا عن مواجهة أزمات بدأت تطل برأسها، وأخطرها وأكثرها تعقيدا أزمة النفايات.
وبدت مواقف السيد نصر الله أيضا متسمة بإيجابية غير معلنة حيال ما يبذله رئيس الحكومة سعد الحريري في واشنطن، ولا سيما في محاولاته الحثيثة من أجل ثني المتشددين في الادارة الاميركية عن توجههم في استهداف قوى وشخصيات أو مؤسسات لبنانية بعقوبات جديدة، وهذا يعني أن "حزب الله" مقتنع أن أحدا لا يتآمر على الحزب وعلى المقاومة، وأن ثمة موقفا لبنانيا واضحا في هذا المجال، لجهة ألا يسمح لأي دولة التدخل في الشأن السياسي الداخلي.
أما محليا، فثمة ظروف نضجت لإعادة وصل ما انقطع مع "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي شارك أمس في مهرجان بنت جبيل بعد المواقف المتصلبة طوال الأشهر القليلة الماضية، فضلا عن مواقف مرنة في أكثر من موضوع وملف.
لا شك أن خطاب السيد نصر الله أرعب وسيرعب الإسرائيليين، وأراح الساحة المحلية في حدود كبيرة، لكن من يطمئن اللبنانيين بأن الحزب لن ينخرط في حرب إقليمية ودولية؟ وبغض النظر إن كانت الحرب مستبعدة أم لا، فهل يقدم الحزب على مغامرة يأخذ معها لبنان إلى مستنقع المنطقة ليغرق في وحولها؟!