#الثائر
بين أموال "سيدر" الموعودة لوزارة البيئة من جهة وأزمة النفايات المتوقعة من جهة ثانية، ما يشبه السفرجل كل عضة بغصة، حلاوة المذاق المنغصة بين مال وأزمة.
ثمة من اعتبر أن تمسك "التيار الوطني الحر" بوزارة البيئة مرده إلى المساعدات الموعودة، وهذا احتمال ليس ذات أهمية، ما يعنينا في هذه اللحظة أن ينجح وزير البيئة فادي جريصاتي في مواجهة أزمة تهدد مجمل الواقع السياسي في البلد، لكن لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات.
أولا: لا يمكن حصر موضوع النفايات بوزارة البيئة، فثمة وزارات معنية بنفس المستوى إن لم يكن أكثر، بدءا من وزارة الطاقة والمياه إلى الصحة والداخلية والبلديات، أو بمعنى آخر ثمة مسؤولية تقع على عاتق السلطة التنفيذية، وهنا أخطأ وزير البيئة في مواجهة الأزمة الناشئة في الشمال بالرغم من كل التوجسات التي ساقها وهي صحيحة، وبذلك يكون قد أراح سائر الوزارات والقوى السياسية المعنية بإيجاد حلول ناجعة لأزمة نتوقع أن تتفاقم في الفترة القريبة المقبلة.
ثانيا: من قال إن أزمة النفايات استجدت مع استنفاد بعض المطامر (غير الصحية) قدرتها الإستيعابية؟ فالأزمة قائمة منذ إحراق محرقة العمروسية في تسعينيات القرن الماضي، ولم تتحرك الدولة لتأمين حلول مستدامة قابلة للحياة، إلا إذا كانت السلطة راضية عن إدارة هذا الملف عبر نموذج مطمر الناعمة – عين درافيل ولاحقا عبر مطمر "الكوستابرافا"، أي من خلال معالجات فضائحية ضربت مصداقية الدولة وأظهرت عجزها حيال هذا الموضوع.
ثالثا: ما اعتبره وزير البيئة السابق طارق الخطيب إنجازا مع إقرار لامركزية المعالجة، لم يكن بأكثر من ذر الرماد في العيون، وجاء دعوة صريحة لانسحاب وزارة البيئة من مهامها بالرغم من الإقرار بدورها الرقابي، ومثل هذا الشعار مهم شريطة أن تكون ثمة رؤية متكاملة توفر إمكانية تحقيق المطلوب، فلا البلديات ولا اتحادات البلديات مؤهلة لتبني المعالجة، وهذا ما أفضى إلى إرباك السلطات المحلية لا مساعدتها.
رابعا: موضوع الفرز من المصدر لم يتعدَّ الشعار، خصوصا وأن ليس ثمة آلية لتحقيق هذا الأمر، فلا قوانين ملزمة ولا نية أساسا للعمل، علما أن في مقدور كل بلدية أن تعمم هذه التجربة أبعد من وضع مستوعبات ملونة، فلا المواطن التزم ولا التجربة نجحت، ما يؤكد أن الأمور تتطلب إلزام الناس بالفرز، وفق جملة من القوانين وجملة من المحفزات.
لن نتحدث عن أسباب فشل معامل الفرز والتسبيخ، وما نشهد في هذا المجال من فضائح وكوارث، ولن نتطرق أيضا إلى سياسة تيئيس الناس للقبول بأسوأ الخيارات، أي المحارق، لكن ما لا بد من التنبه في هذا المجال إلى أن الحل يبدأ بالسياسة وينتهي بالسياسة، وثمة مسؤولية تقع على سائر القوى المنضوية في رحاب السلطة ومن الظلم رد الفشل، وهو المتوقع، إلى وزير البيئة.