#الثائر
– محرر الشؤون السياسية
يقتضي تكريس منطق المصارحة والمصالحة بين مختلف المكونات السياسية في لبنان، أن يقتنع كل فريق أن ثمة من هو في الضفة المقابلة يخالفه الرأي والتوجهات، هذا أولا، كمدخل أساس موجب لأي محاولة أو سعي لتبريد الجبهات المشتعلة حتى وإن خبا نارها، فدائما في لبنان ثمة جمر تحت الرماد، والأمر الثاني التقدم خطوة في مسار استعادة الثقة، وهذه مسألة يفترض معها أن يلاقي كل مكون سياسي الفريق الآخر عند منتصف الطريق.
وإذا سلمنا جدلا أن مثل هذه الأمور هي من بديهيات المصارحة سبيلا للمصالحة، نتأكد ألا إمكانية للمصالحة أساسا، لكن ذلك لا يلغي ضرورة التعايش تحت سقف الدولة، أي في حدود إدارة الخلافات دون تبعات تهدد الاستقرار الداخلي، ونتحدث في هذا المجال عن "حزب الله" و" الحزب التقدمي الإشتراكي "، خصوصا وأن ثمة عملا سينطلق قريبا لتعميم مسار المصالحة بعد حادثة قبرشمون وارتداداتها على الأمن والسياسة والاقتصاد، ومن المتوقع أن يتحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذا الخط لعقد مصالحة بين الحزبين في إطار لقاء يتم التحضير له لعودة الأمور إلى طبيعتها بين مكونين أساسيين على الساحة المحلية، وذلك وفق ما ذكر أكثر من مصدر.
في ظل الظروف القائمة هل يتمكن الرئيس بري من ردم الهوة بين "الإشتراكي" و" حزب الله "؟ هذا هو السؤال الملح في هذه الفترة، وعلى كل فريق أن يتفهم هواجس الفريق الآخر، في دولة معطلة "ديموقراطيا" ومحكومة بالتوافق، من الرئاسة الأولى إلى الثانية والثالثة وتعيينات الفئة الأولى وصولا إلى إشكالية دستورية متصلة بتفسير موضوع المناصفة، وهذه قضية أخرى.
وثمة سؤالان لا بد من طرحهما استباقا لأي خطوة أو توجه في سياق المصالحة إذا كانت ثمة إرادة حقيقية لتكريسها وتعميمها، الأول، هل يتفهم "حزب الله" أن ثمة قوى سياسية محكومة بهواجس حيال دوره الإقليمي وتنامي قوته العسكرية حتى من أقرب الحلفاء؟ والثاني، هل تستوعب القوى السياسية المعارضة أن ثمة هواجس أيضا لدى "حزب الله" متصلة بموضوع السلاح؟
هنا المطلوب من حزب المقاومة أكثر من أي فريق آخر، فمن يمتلك أسباب القوة في مواجهة إسرائيل هو المعني بتبديد هواجس الآخرين، مع قناعة بأن السلاح ضمانة للبنان وليس لحزب أو أي مكون سياسي آخر، وأول المطلوب أن ينأى " حزب الله " عن تفاصيل في المشهد السياسي متصلة بموضوع التوازنات، أي اللعب على التناقضات، وهنا يصبح السلاح حاضرا في التوازنات الداخلية!